ثورة الملك الامازيغي يوغرطة الماسيلي الذي عجزت روما على إركاعه-2-
تجديد الحرب بين يوغورطة والرومان وانتصار يوغورطة عليهم
كان مجلس الشيوخ الروماني شديد الحنق على يوغورطة، سيما بعد ما ارتكب فيهم في روما. لقد افلت من قبضتهم بدهائه، وقتل صنيعتهم مصيفا وهو في حجرهم وفي عاصمتهم. انها جرأة كبيرة لا تحتملها الكبرياء الرومانية. وهاهو يعود إلى دولته ليستعد لحربهم، ويهيئ المغرب للانقضاض عليهم، لابد من معاجلته قبل ان يستعد. ان إمهاله سنين يجعله راسخ العروق لا يستطيعون اقتلاعه. فأمروا جيشهم الكبير المرابط في الولاية الرومانية بافريقية بالهجوم على يوغورطة، وعينوا لقيادته القنصل البينوس. وهو قائد كبير من قوادهم يثقون بنزاهته وإخلاصه لروما. لا يستطيع يوغورطة ان يشتريه بالمال. كان ذلك في سنة 110 ق.م. بعد قليل من وصول يوغورطة من رومة، فزحف البينوس بجيشه الكبير على نوميديا فوجد يوغورطة في انتظاره. فوقعت حرب عنيفة بين الطرفين ابدي فيها الجيش الروماني شجاعة ومهارة في القتال. وكان البينوس ماهرا في قيادته وفي خططه، ولكن البربر كانوا أشجع، وكانوا يحامون عن دولتهم ويوغورطة كان امهر في القيادة، وأقوى في الهجوم. فمال على الجيش الروماني فهزمه شر هزيمة، وشتت شمله، فولى الأدبار إلى معاقله في الولاية الرومانية.
وكان مجلس الشيوخ والرومان كلهم يرقبون سير المعركة. فعلموا بهزيمة جيشهم فازداد احتدامهم على يوغورطة. فعينوا قائدا ثانيا لحربه كان أقوى وأكثر كفاءة من البينوس هو أخوه الوس. وكان ذلكم في سنة 110 أيضا. فنظم الوس جيشه ونفخ فيه روحه، وأذكى فيه الشجاعة الرومانية الممتازة، وصمم ان يثار لأخيه الذي عفره يوغورطة بالهزيمة. وسار نحو نوميديا وهو مصمم ان يهزم يوغورطة، ويحتل مدينة (ستول) التي اتخذها مركزه، وهي قرب مدينة قالمة. فوجد يوغورطة في انتظاره، فدارت بينهما قرب (ستول) معركة فظيعة ابدي فيها الجيش الروماني كل شجاعته ومهارته، واظهر فيها الوس عبقريته في القيادة، وجهاءه وشجاعته الكبرى. فكر عليه يوغورطة في جيشه البربري الباسل فهزمه شر هزيمة، وقتل من جنوده مقتله كبرى، ومزق جيشه شر تمزيق، وأحاط به جند يوغورطة فرأى الوس الموت الأحمر يهجم عليه من كل جانب، فطلب إيقاف الحرب، واستسلم هو وجنده إلى يوغورطة.
عزة الرومان وشموخهم وإذلال يوغورطة لهم
وكان الجيش الروماني لشجاعته، ومهارته في الحرب، وإخلاص رجاله مظفرا في حروبه التي خاضها مع دول البحر الأبيض المتوسط، وفي وسط أوروبا وآسيا لم يعرف الانهزام والاستسلام ! وكانت تربيته الرومانية القوية، وعزته القومية، وتعوده الانتصار على الأمم في حروبه قد أورثته شموخا، وعلمته ان يكون دائما رافع الرأس لا يطأطئ لأحد. وكان يوغورطة يعرف فيهم وفي دولتهم ذلك الشموخ ! وكان يعلم ان ارتفاع الرومان في حبل المشنقة أسهل عليه. من الركوع أمام عدوه! فأراد ان يظهر لهم عزة الأمة البربرية، ويؤد بهم على شموخهم وكبريائهم على الناس! فنصب حبلا طويلا على العرض، وقربه من الأرض فوقف هو وجيشه بجانبه في مكان عال فأمر الوس وجنده ان يمروا من تحت الحبل. فكانوا يمرون إمامه عزلا من السلاح، والذلة تعلوهم، فإذا وصلوا إلى الحبل طأطأوا ليمروا من تحته، فتكاد جباههم تمسح الأرض من شدة الانحناء! وكان هذا الركوع وذلك الاستعراض اشد عليهم من الذبح بالشفرة الكليلة، والحرق بالنار الضعيفة! وبعد ان أدب يوغورطة الوس والجيش الروماني، وأمره ان يغادر دولته سريعا إلى الولاية الرومانية، واجله عشرة أيام. وأبقى جيشه مجردا من السلاح، مهانا تعلوه الذلة والصغار!وكان مجلس الشيوخ الروماني كلهم يرقبون سير الحرب مع يوغورطة.
فبلغتهم أنباء هزيمتهم الشنعاء، ورأوا قائدهم الكبير وجيشهم ينكسون رؤوسهم ليوغورطة، ويرتكب فيهم يوغورطة ما لم يعهدوا مثله في كل حروبهم فثارت ثائرة الرومان الأقوياء، واقسموا ان ينتقموا من يوغورطة، ومن البربر، وان يرسلوا عليه من جيوشهم الجرارة ما يضمن لهم الفوز عليه! وكان الرومان امة حربية، وأقوى دولة في ذلك الزمان. فتفرغت لحرب يوغورطة، وأرسلت عليه جيوشها الجرارة. فماذا وقع ليوغورطة بطل المغرب مع الرومان؟ الهجوم الروماني الكبير على يوغورطة
حروب ميتلوس مع يوغورطة
كان الرومان يتضرمون غيظا، ويتقدون حنقا على يوغورطة. ان رؤوسهم لا تعرف الإنحاء، ونفوسهم لا تطيق الخضوع، سيما في ميدان القتال الذي يفتخرون بالتفوق فيه. إنهم أقوى امة حربية في ذلك الزمان! لقد حاربوا أمما أكثر عددا من البربر ، وملوكا أوسع دولا من يوغورطة، فهزموا تلك الأمم، واخضعوا أولئك الملوك. فها هو يوغورطة يهزمهم، ويسومهم الركوع والإنحاء تحت حبل المذلة، وها هي الأمة البربرية الباسلة تمرغهم في التراب. ان كل رئيس من رؤساء الرومان، وكل حر أبي من امة الرومان الأبية، ليحس بذلك التراب الذي مرغ فيه يوغورطة جنودهم تغص به عيناه فتفيض عبراته من شدة التأثر والإباء! لابد ان يسترد الرومان هيبتهم في الدنيا! ان الأمم التي تخضع لهم سترفع رءوسها وتثور عليهم إذا دامت رءوسهم معفرة، ويوغورطة يركبهم بالهزائم في المغرب.
إنهم إذا لم يعالجوه بحرب واسعة عاصفة فانه سيزحف على ولاية الرومانية ويقذفهم في البحر، ويطردهم من افريقية. فيومئذ تتجرأ كل مستعمراتهم فتثور عليهم، ويومئذ يفقدون في العالم تلك الهيبة التي يخضعون بها الشعوب. لابد من التغلب على يوغورطة والقضاء عليه! انه بطل صنديد، وداهية عبقري، والبربر امة شجاعة باسلة. فلا بد من التفرغ لحربها، وإرسال جيوش قوية تكون أضعاف جيش يوغورطة، تحيط به، وتتكاثر عليه. ولابد من إرسال قائد بل قواد دهاة يصولون على يوغورطة بدهاء كدهائه، ويشهرون عليه سلاح الكيد البارع، ويحسنون منازلته في الحروب النفسية.
اختيار القنصل ميتلوس لمحاربة يوغورطة
وجهز مجلس الشيوخ جيوشه الجرارة، وأرسلها تحت قيادة ابرع قواده وهو القنصل ميتلوس. وأرسل معه القائد الكبير ماريوس. فسار ميتلوس حتى نزل في عوتيقة عاصمة الولاية الرومانية في افريقية. فوجد فيها الجيش الروماني قد قتلته الهزائم، وخنق الشجاعة والثقة بالنفس في صدورهم ذلك الحبل الذي نصبه يوغورطة فركعوا على أقدامه تحته. وصاروا بعد ان مرغهم في التراب كالشعلة التي تدسها في التراب فتنطفئ! وكان يوغورطة غولا يرهبهم شبحه ويرعبهم في اليقظة والمنام. فتمردوا قوادهم، وصاروا يهربون من الجيش خوفا يكلفوا بمحاربة يوغورطة. فعمد ميتلوس إلى هذا الجيش الميت فأحياه، ونفخ فيه الثقة بالنفس، وأورثه الأمل في النصر بما جاء به من الجيوش القوية من روما، فاختلطت بالجيش المنكسر فأفاضت عليه من قوة نفوسها. ونظم ميتلوس جيوشه أحسن تنظيم، وقسمها قسمين، قسم يقوده هو وقسم يقوده ماريوس. فسار إلى محاربة يوغورطة. وكان ميتلوس من أسرة ما جدة، وتولى منها قبلة ستة قنصل رأسوا الدولة الرومانية. وها هو يقع اختيار دولته عليه قنصلا يرأسها ويقود جيوشها. وكان قائدا داهية، مخلصا لدولته، قد صمم على استرجاع هيبتها والانتصار على يوغورطة.
وكان يوغورطة يعرف ميتلوس فاستعد لحربه. ان الجيوش الرومانية أضعاف جيشه، ولكنه مع ذلك صمم على القتال. فأسرع من نوميديا، فوقع اللقاء بينه وبين الرومانيين في جنوب مدينة )باجة( قرب وادي تاسة. وكان ذلك في شهر أغسطس من سنة 109 ق.م. وكان ميتلوس قد اخترق الحدود الشرقية الشمالية للدولة البربرية فاحتل باجة وعاث فيها فسادا. فوقع اللقاء بينه وبين يوغورطة في جنوب باجة فوقعت معركة رهيبة بين البربر والرومان، فقتل يوغورطة من جيش ميتلوس عددا كبيرا. وكان جيش ميتلوس أكثر عددا وكان قويا باسلا، فاستطاع ان يحوز النصر. وكانت الغلبة له في هذه المعركة. فتقهقر يوغورطة في نظام نحو الجنوب الغربي فعسكر في شمال تبسة فاستعد هناك لمحاربة الرومان. وكان قد قسم جيشه قسمين تحت قيادته هو وقسم تحت قيادة قائده بوملكار.
إيثار يوغورطة لحرب العصابات في مقاتلة الرومان
فزحف ميتلوس في جيوشه الجرارة فاحتل مدينة سيكا «الكاف » وغيرها من المدن في طريقه إلى يوغورطة، فوقع اللقاء في شمال تبسة، فاشتعلت معركة رهيبة بين يوغورطة وميتلوس. فرأى يوغورطة ان جيش الرومان أضعاف جيشه في العدد. وانه لا يستطيع مصافته، وخوض المعركة الفاصلة معه. فعزم على حرب العصابات، وأسلوب الكر والفر الذي يتقنه البربر، ويليق بالجيش إذا داهمته جيوش أقوى منه. فتقهقر إلى جنوب تبسة، ليجتذب جيش ميتلوس إلى الصحراء التي لا يطيق الرومان حرها ولا يعرفون مسالكها. ان هذه الحروب العنيفة لتقع في آخر الصيف وفي أول الخريف، في شهور لا يطيق فيها الرومان حر الصحراء. وفي الصحراء الجيتوليون الأشداء الذي يعينون يوغورطة على الرومان، فيكر عليهم بعد ان يكون الحر قد أرهقتهم فيهزمهم ويقصم ظهورهم بضرباته. فتنبه ميتلوس إلى كيد يوغورطة فلم يتبعه. وعكف على شمال تبسة بفتح مدنها، وينكل بالبربر فيها، ويفسد مزارعهم، ويتلف أموالهم، ويهتك حرماتهم، ويأتي كل ما يسوله الحقد والضغينة والغطرسة له، ليشفي غليله من البربر، ويستفز يوغورطة فيخوض معه المعركة الفاصلة في المكان الذي يختاره هو. وكان يوغورطة يشن حرب العصابات على ميتلوس، فيكر على جيشه فيفتك به، حتى إذا استعد له وجد يوغورطة قد اختفى. فكان يوغورطة يصيب من الرومان ولا يصيبون منه. واستكلب الشتاء، وكثرت الأمطار، وأحس ميتلوس بالإعياء، وعلم ان يوغورطة لا ينازله في معركة فاصلة، وانه سيواصل عليه حرب العصابات، ويضعف حماس جيشه بضرباته الخاطفة، وبطول الزمان الذي يقضيه في مكانه ثم لا يفوز بنصر عليه، وكان يوغورطة يغتنم فيه الفرصة كلما وجدها، فيهجم عليه هجوما سريعا فيصيب منه ثم يختفي. فأيقن ميتلوس ان الانتصار على يوغورطة وهو يشن عليه حرب العصابات، ويعتصم بالجبال الوعرة التي لا يستطيع اقتحامها، والصحاري المجهولة التي لا يقدر جيشه على الحرب فيها، والعيش في رمالها وشعابها؛ ان انتصاره عليه وهو يحاربه بأسلوب العصابات لا يمكن، فعزم على الكيد له. فرجع إلى الولاية الرومانية. وأرسل إلى بوملكار قائد يوغورطة من سوس له بمن أراد.
كان ذلك في سنة 108 ق.م. وكان بوملكار قائدا بربريا من أركان يوغورطة في حربه، ومن مستشاريه، يثق به، ويسكن إليه، ويعتقد فيه الصفاء والإخلاص، والغيرة على الوطن. وكان بوملكار طموحا يحب الرئاسة والتقدم. فأرسل إليه ميتلوس يعده بالملك وبدولة يوغورطة ان أعانهم على اغتيال يوغورطة أو القبض عليه. فمال بوملكار إلى متيلوس، وخان ملكه، وتنكر لدولته، فشرع في الكيد ليوغورطة في الخفاء ليوقعه في قبضة الرومان. فشعر به يوغورطة فقتله، وخلص الدولة من شروره.
فظائع الرومان في المدن البربرية وفي المدنيين العزل
وكان الرومان قد فتحوا مدنا كثيرة في الجناح الشرقي للدولة البربرية، في افريقية وفي نوميديا الشرقية. وكانوا يقتلون الأبرياء، ويهتكون الحرمات، ويأخذون الأموال، ويفسدون المزروعات، ويطلقون أيدي العيث والتخريب في أموال البربر، ليرهبوا البربر، ويخضعوهم. ولكن البربر لا يخضعون. لا يكاد جيشهم يفارق المدينة المغزوة حتى تثور المدينة، وتنكل بمن بقي فيها من الرومان، وتظهر ولاءها ليوغورطة، والاستعداد للنضال معه، ومدافعة الرومان المعتدين على الوطن.
وكانت مدينة باجة هي عاصمة نواحها في الشمال الغربي لافريقية. وكانت من المدن الأولى التي احتلها الرومان من الدولة البربرية، وعاثوا فيها فسادا، فصارت ترقب الفرصة للثورة والانتقام. «وفي شتاء 108 اغتنم أهلها فرصة الاحتفال بعيد الآلهة سيريس وهو عيد الزراعة، ففتكوا بجميع الرومانيين وأهلكوهم عن أخرهم. ولما بلغ ذلك متيلوس أسرع إلى تلك المدينة بنهبها »( مدينة المغرب العربي ج 1 ص 280 ط أولى بتونس) ونكل بأهلها وأغرقها في الدماء. وهزم على تتبع يوغورطة لعله يلتجئ إلى حصن فيحاصره فيه،ولعله ينازله في معركة فينتصر عليه. وكان يوغورطة متحصنا في جنوب افريقية، يغير من هناك على الرومان فينهال عليهم بضرباته. وبعد ان فعل ميتلوس بباجة ما فعل، زحف بجيوشه على جنوب افريقية، إلى ان أدرك يوغورطة في مدينة (تالة) وكان قد اتخذها معسكره، وكانت مدينة كبيرة حصينة، وهي غير تالة المعروفة اليوم في جنوب تونس ولكنها في نواحها، فحاصر ميتلوس تالة، وأحاط بها بجيوشه، وشدد الرقابة عليها لكي لا يفلت منها يوغورطة، ودام حصاره أربعين يوما، ثم استطاع ان يفتح المدينة، ولكنه لم يجد فيها يوغورطة ولا أمواله ولا أولاده. لقد خرج. بدهائه من المدينة في كل أثقاله ولم يشعر به الرومان. فهب ميتلوس المدينة، وأغرقها في الدماء، ثم هدمها وأزالها من الوجود لكي لا يتحصن فيها يوغورطة. ثم نظر يبحث عن يوغورطة فوجده في الصحراء يتمنى ان يتبعه إليها، ولكن ميتلوس خاف من تتبع يوغورطة آثر ان يحاربه في الشمال. فزحف في سنة 108 ق.م. على نوميديا الشرقية والوسطى حتى وصل إلى قرطة فاحتلها واتخذها مقرا له ولجيشه.
وكان يريد ان يستفز يوغورطة ليخرجه من الصحراء، ولكن يوغورطة كان داهية، فلم يخرج من الصحراء، فبقي فيها يعد العدة ليكر على الرومان.
استنجاد يوغورطة بالجيتوليين وبصهره بوكوس وزحفه على الرومان
وكان يوغورطة يعلم ان شمال المغرب لا يعصمه من الرومان. إنهم بجيوشهم الجرارة الباسلة هم الأقوى ولكن الصحراء تعصمه. فبوده لو اجتذب الرومان إليها ليكر عليهم بإعانة الجيتوليين الشجعان فيقضي عليهم. فالتجأ إلى الصحراء بجنوب افريقية فاعتصم بها. فاتصل برؤساء القبائل البربرية في جيتوليا فدعاهم إلى محاربة العدو فأسرعوا إليه برجالهم الأبطال. ثم إلى صهره بوكوس الأول ملك موريطانيا الغربية، فخوفه من شرور الرومان على المغرب، وأوقفه على نواياهم السيئة لدولته، وآثار فيه وفي أهل دولته الحماس والغيرة، فهبوا لمدافعة العدو ومجالدته، وإعانة يوغورطة في القضاء عليه.. فسار جيش بوكوس فانضم إلى يوغورطة. فكثر جنده، ووجد القوة العسكرية التي يستطيع بها مقابلة الرومان. وكان يوغورطة قد اتخذ في سنة 108 مدينة قفصة معسكره بعد ان هدم ميتلوس مدينة تالة التي كان متحصنا بها. فجهز جيشه فسار من مدينة قفصة في جنوب افريقية الغربي ليهاجم الرومان في نوميديا. فسمع ميتلوس بمسيره فخرج من قرطة فنزل مكانا يستطيع فيه الدفاع.
عزل ميتلوس وولاية ماريوس قيادة الجيش الروماني بالغرب
ودخلت سنة 107 وكان ميتلوس يتهيأ لخوض المعارك الطاحنة مع يوغورطة في نوميديا. وكان قد أمضى حوالي سنتين وهو يحاول التغلب على يوغورطة والانتصار عليه في معركة حاسمة فلم يستطع، فاستعصم الرومان قائدهم وقنصلهم ميتلوس، فانتخبوا في سنة 107 زميله جايوس ماريوس قنصلا وقائدا لجيشهم في المغرب. فسمع ميتلوس فرجع مغضبا إلى رومة قبل ان يصل يوغورطة إليه. وكان ماريوس اقل ذكاء من متيلوس، ولكنه أكثر جرأة وإقداما، وخبرة بالحروب. فاختاره الرومان لمقارعة يوغورطة، فأرسلوا جيشا كبيرا. فوصل نوميديا فتسلم أزمة القيادة، واستعد لملاقاة يوغورطة.
حروب ماريوس مع يوغورطة
إفساد ميتلوس لقلب بوكوس على يوغورطة
كان بوكوس بعد ان استجاب لمحاربة الرومان، وأرسل جيشه إلى يوغورطة قد داخله ميتلوس فواعده وأوعده، وأفسد قلبه على يوغورطة ! فشعر يوغورطة بذلك ففت في عضده. فخاف ان يشتبك بماريوس في معركة كبرى فيضربه بوكوس من خلفه، ويوعز إلى قواد جيشه فينهزموا عنه في إبان المعركة فينتصر عليه الرومان.فلم يثق بقوة بوكوس العسكرية، فرجع إلى حرب العصابات في مقارعة ماريوس .
ونزل ماريوس في عوتيقة بما معه من الجيش في سنة 107 فانضم إليه الجيش الروماني الكبير في افريقية فبلغ جيشه ألف جندي من خيرة الجيش الروماني المدرب، فزحف بهم نحو نوميديا، ولكن لم يكد يصل حدود نوميديا الشرقية حتى مال نحو الجنوب الغربي لافريقية، فداهم )قفصة( التي جعلها يوغورطة معسكره، وكان يوغورطة غائبا عنها في نوميديا فاحتلها، وتكل بأهلها، واخذ ما فيها من أموال يوغورطة وذخائره، ونهب ما فيها من أموال البربر، احرقها فأكلتها النيران، فصارت لا تعصم من يأوي إليها. فانتقل يوغورطة إلى موريطانيا الشرقية وجعل معسكره محل أثقاله في حصن تاوريرت ( آورير بسكون الواو في البربرية للجبل وهو مذكر. وتاوريرت للجبل الصغير أو الهضبة العالية وهومؤنث) وهو حصن في هضبة عالية في غرب موريطانيا الشرقية. وزحف ماريوس في جيشه الجرار حتى وصل نوميديا الوسطى فوجد يوغورطة في انتظاره، فلم يشتبك به يوغورطة في معركة كبرى بلا آثر ان يتبعه ويرهق جيوشه بحرب العصابات في الجبال والأودية الوعرة، وان يجتره إلى الناحية الغربية ليثير بوكوس للحرب معه في صدق وإخلاص إذا رأى الرومان يقربون من دولته. فكان ليوغورطة ما أراد.
فكان يهجم على الرومان كلما وجد الفرصة فيقتل منهم، وينكل بهم، ثم يلوذ بالجبال الوعرة. وحارب الرومان الذين يتتبعونه في الزاب، وجبال الحضنة، وفي أمكنة كثيرة من موريطانيا الشرقية. ان الرومان أقوى منه وأكثر جندا، ولكنه لا يستسلم ولا يهن !
ان الصحراء هي ملجؤه الحصن سيعتصم بها، ويوالي منها ضرباته للرومان. يجب ان يقاتل الأعداء في كل ناحية من نواحي المغرب ان الاستسلام جريمة ! لابد من دحرهم وتطهير المغرب منهم. ان البربر معه. سيهبون كلهم لنصرته إذا وصل وقت الهجوم على الرومان. ان الرومان أجانب في المغرب، وهم يحاربون في وطن لا يعرفون دروبه ومسالكه الجبلية. سيجد فيهم فرصته فيضربهم الضربة القاصمة. ثم ان الرومان يضعفهم ويوهن قواهم. سيكر عليهم فيهزمهم شر هزيمة. هذا ما عزم عليه يوغورطة فثبت في الميدان فلم ينهزم.
استنجاد يوغورطة ثانية بيوكوس
وقرب ماريوس من وادي ملوية. وهاجم حصن تاوريرت فاحتله، واخذ ما فيه من أموال يوغورطة وذخائره الحربية. وأمسى على حدود موريطانيا الغربية دولة بوكوس. فأعاد يوغورطة دعوته إلى محاربة الرومان وواعده على النصرة بثلث نوميديا. ان بوكوس تحركه أطماعه لا غيرته وشجاعته. فما زال به حتى أعداه بشجاعته، وكساه بوجدانه، فاستجاب له، وغلت مراجله، فجهر جيشه وأرسله إلى يوغورطة فكثر به جند يوغورطة، فهجم على الرومان.
كان هذا الهجوم في سنة 106 بعد مرور نحو عام من قيادة ماريوس للرومان في المغرب. فوقعت بين الجيشين معارك طاحنة، وقتل البربر من الرومان مقتلة كبرى، ونثروا أشلاءهم في ميادين الحرب. وجللوا الساحة يجثث قتلاهم، وقتل الرومان من البربر كثيرا، ودامت المعركة يوما كاملا، وأحاط البربر بالرومان فكادوا ان يهزموهم. ولما وصل الليل أوقفوا الحرب. فنظم الرومان صفوفهم، ولم يكد يشرق الصباح حتى كان الرومان هم الذين يهجمون على البربر الذين وثقوا بالنصر وانهزام الرومان فغفلوا عن عدوهم، ولم يبقوا على أهبتهم الأولى لمحاربته. فوجد الرومان البربر عللا غير تعبئة فاخترقوا جموعهم، وهجموا على معسكرهم، فاعملوا فيهم السيوف، فقتلوا منهم عددا كبيرا. فانهزم البربر وانتصر الرومان.
أرى ان هذه المعركة لم يتولى قيادتها يوغورطة، بل احد قواده أو قواد بوكوس. ان يوغورطة حازم عبقري في الحرب. ما كان ليغفل هذه الغفلة، فيضيع النصر الذي حاز، ويتركه لعدوه. لقد رأيناه يهجم في الليل على آدربعل في سنة 112 فيهزمه. فما كان ليرجئ الإجهاز على الرومان إلى الصباح لو كان هو الذي يدير المعركة.
وذهب ماريوس إلى قرطة بعد هذه المعركة الكبرى. وقد يكون ذهابه إلى قرطة ليتحصن بها إذا رجحت كفة يوغورطة في الحروب المقبلة. فأرسل يوغورطة وراءه كتائب من جيشه و جيش بوكوس فأدركته في الطريق. فدارت حروب عنيفة بين الجيشين، جيش يوغورطة، وجيش ماريوس. فحمى في غرب (سطيف) الوطيس واشتد القتال، ورأى ماريوس الموت الأحمر يحدق به، وكادت كفة جيش يوغورطة تكون هي الراجحة. فجاء القائد الروماني صيلة بجيش انجد به ماريوس، فرجحت كفته في الحرب فكان النصر له. ورجع إلى قرطة واستقر فيها، والإعياء يهده، والاياس من القضاء على يوغورطة بالحرب يملأ نفسه. وكان مجلس الشيوخ الروماني يتتبع سير الحروب في المغرب باهتمام. فرأى ثبات يوغورطة، وثبات البربر، وحرب العصابات التي يتبعها، وهي حرب لا تهزم، فأيقن كماريوس بان الجهود العسكرية لا تجدي. وان مستقبل المعركة إذا استمرت ليوغورطة، فيمرغهم في التراب ويسحقهم بأقدامه. ان الزمان طويل الذي يمر وهم معه فلم يستطيعوا كسره والقبض عليه، أو قتله. وها هو بوكوس ملك موريطانيا الغربية ينضم إليه فيبدأ حربهم بقوات جديدة. انه إذا لم يستطع مواصلة المعارك الكبرى معهم لتفوقهم عليه في الجنرد، فسيواصل حرب العصابات عليهم من جيتوليا فيرهقهم ويعييهم، ثم يكر عليهم فيكسرهم في معركة كبيرة. ان يوغورطة لا يستطيعونه ولا يبلغون مرامهم فيه بالقوة بل بالمكيدة. ولكن ماريوس ضعيف الذكاء في باب الختل والكيد. ان سيفه أطول من عقله. فلابد من رجل داهية يحسن الفخاخ الخفية، والكيد البارع، يكون معه ليتولى الدس والختل فاختاروا لوكيوس كولانيليوس صيلة. وهو قائد روماني لا شجاعة له، ولكنه ماهر في الدس والكيد، والإيقاع بعدوه في أفخاخه. فأرسلوه إلى ماريوس.
فخلا به ماريوس بعد معركة سطيف يعملان الفكر في مكيدة تضعف يوغورطة وتوقعه في قبضتهم. فخلق لهم بوكوس صهر يوغورطة الفرصة لذلك، فهب صيلة لاستغلالها. وكان بوكوس ملك موريطانيا الغربية ضعيفا جبانا. وكانت تتسلط عليه شهواته وجبنه وحسده ليوغورطة لا إدارة البربر وشجاعتهم، وكرههم للرومان. وكان يوغورطة قد واعده على النصرة بثلث نوميديا، فحركه بالطمع فوقف بجانبه، ولكن يوغورطة لم ينصر، ورأى قوة الرومان، فخاف ان يغضب عليه الرومان فيزحفوا على دولته فأرسل إلى ماريوس في طلب الصلح، وأبدى استعداده لخدمة الرومان وخذلان يوغورطة. فأرسل ماريوس رسل بوكوس إلى رومة ليرى مجلس الشيوخ رأيه في طلب ملكهم. وأرسل صيلة إلى بوكوس لينصب فخاخه ليوغورطة.
غدر بوكوس بيوغورطة
دهاء صيلة وجبن بوكوس
واجتمع صيلة الداهية ببوكوس الضعيف. وكان ذلك في سنة 105 ق.م وكان صيلة يعرف ان بوكوس عبد أطماعه وجبنه. فواعده بموريطانيا الشرقية كلها ان هو أعانهم في القبض على يوغورطة، واو عده باحتلال دولته، والقضاء على ملكه ان أبي واستمر في تأييد يوغورطة. فكان بوكوس كما يريد صيلة، فشمر للكيد ليوغورطة، واتفق مع صيلة على خطته. وكان يوغورطة يكره الصلح مع الرومان. وكان يعرف الإعياء الذي أصابهم، وعرف إنهم لا يستطيعون ملاحقته إلى جيتوليا، وسيظل يشن عليهم حرب العصابات إلى ان يوهنهم، ثم يكر عليهم فيطرحهم أرضا، ويلقي بهم في اليم. كان يوغورطة ثابتا في الحرب، قد عزم على مواصلة القتال، فأرسل إليه بوكوس يعلمه بطلب الصلح، ويرجوه ان يوافق عاليه. فجعله أمام الأمر الواقع. هل يرفض الصلح فيختلف بوكوس فيصبح عدوه يحاربه مع الرومان؟ ان الرومان سيستغلون هذا الخلاف. ووالى بوكوس رسله إلى يوغورطة يعلمه بان شروط الصلح ستكون مقبولة، وان الرومان سينسحبون إلى الولاية الرومانية، فيخرجون من دولته بدون قتال. فما زال به حتى ألزمه بقبول الصلح. فاستقدمه إلى مقره لمقابلة الوفد الروماني ليتفاوضا معه في شروط الصالح، وانسحاب الرومان من دولته.
كيد بوكوس وصيلة ليوغورطة
وكان يوغورطة ذكيا. وكان يعرف ضعف بوكوس ودهاء صيلة فاحتاط لنفسه فطلب ان يرسل إليه سيلة ليكون رهينة عنده ثم يقدم لمفاوضة الوفد. فأبى عليه بوكوس ما طلب، واعلمه بان صيلة هو رئيس الوفد، وانه لا يصيبه أي ضير إذا اجتمع بوفد الرومان، وان الاجتماع يكون عنده في مكان امن لا سلطان ولا قوة للرومان فيه. وكان يوغورطة حسن النية. وكان بوكوس صهره، وجاره وابن جنسه. وكان قد حارب الرومان معه فلم يخطر بباله انه يختله. فرضي بالاجتماع بصيلة. فاشترط ان يكون الاجتماع في مكان يكونان فيه خاليين من السلاح، فرضي صيلة بالشرط، وأكد له بوكوس قبول الشرط، وان صيلة سيكون خاليا من السلاح ومن كل قوة حربية. فجاء يوغورطة وهو يعتقد انه ذهب إلى دار صهره وجاره وابن عمه الأمن، ولكنه ذهب إلى دار عدوه حيث نصب له الفخ. وكان يوغورطة يعتقد ان الرومان شرفاء مثله، يوفون بالوعد، ويتنزهون عن الغدر، فوثق بوعد صيلة الذي لابد ان يكون قد بعث به إليه مكتوبا مختوما بختم الدولة، أو يكون شاقه به رسل يوغورطة. ولم يدر في خلده ان الرومان يغدرون بعد إيمانهم ووعودهم واتفاقهم على التجرد من السلاح. وكان يوغورطة شريفا شجاعا ! فوصل مكان الاجتماع وهو خال من كل جند يحرسه، ومن كل سلاح. وما كاد يستقر به المقام في مكان الاجتماع حتى أحاط به
جند بوكوس الذي كان صيلة قد أخفاه في مكان قريب من موطن الاجتماع. فأسروه فسار به صيلة في جيش كبير قد يكون جيش بوكوس فسلموه إلى ماريوس في قرطة !
لوحة تجدس غدر روما وبوخوص بالقائد الأمازيغي يوغرطة وإلقاء القبض عليه
فسر ماريوس وتنفس الصعداء، وفرح فرحته الكبرى، وطير الخبر إلى روما فسر مجلس الشيوخ الروماني بالقبض على يوغورطة. ورقصت روما طربا لهذا الحادث الكبير. وكان كل العقلاء في العالم يرون الرومان وهم يحتفلون بأسر يوغورطة والغدر به كالغربان الخسيسة التي تستلذ التهام الجيفة، وتحتفل بإقحام مناخرها في ديدانها، وفي أقذار المزبلة ! ماذا سيفعل الرومان الغادرون بيوغورطة بطل المغرب الكبير.
نهاية يوغورطة ولؤم الرومان
وفي ديسمبر من سنة 105 ق.م ذهب ماريوس إلى رومة ومعه يوغورطة أسيرا في أغلاله. وأعاد مجلس الشيوخ الروماني انتخاب ماريوس قنصلا جزاء له على غره بيوغورطة، وقبض بوكوس عليه. وفي اليوم الأول من يناير سنة 104 ق.م.احتفل الرومان بانتصارهم على يوغورطة، وبماريوس الذي أورثهم ذلك النصر، وكان قنصلا للدولة. فأسرعت المدن الرومانية إلى روما فغصت شوارعها وميدانها العام الفسيح بمختلف الطبقات. وكلهم يتلهف وبشخص ببصره ليرى ماريوس فيحييه، ويشاهد يوغورطة أسيرا في أغلاله ليشمت به. فخرج ماريوس في أول يناير في شموخ المنتصر، وأبهة الغالب، فركب عربته الفخمة، وجعل يوغورطة أمام عربته مع الخيل، وهو في تاجه الملوكي وحلته الأرجوانية الملوكية، ويداه في القيد الحديدي ! فمشى به في شوارع روما، ووقف به في ميدانها العام، فشمت العجائز والصبيان والسفهاء بيوغورطة، واسمعوه قارس الكلام. ثم زج به مجلس الشيوخ في أقسى السجون، ومنعوا عنه الطعام والشراب. ومشى الحراس القساة بيوغورطة ودفعوا به في قيوده في سجن (التوليانوم) تحت قصر (الكابتول). هو سجن مظلم بارد كثير الانداء لا يحكم به إلا على كبار المجرمين، ومنعوا عنه الطعام والشراب أيام كاملة وفي اليوم السابع من يناير سنة 104 ق.م. شنقوه، ففاضت روحه ! فتنفس الرومان الصعداء وظنوا إنهم قد قضوا على يوغورطة، واخمدوا البربر، ولكن بغدرهم به، ولؤمهم معه زادوا العداوة البربر لهم اشتعالا، وغرسوا يوغورطة في أعماق قلوب المغرب، فظل يهيب به لمحاربة الرومان وعدم الخضوع للمستعمرين، فتثور براكينه عليهم.
تعظيم الرومان لماريوس لقضائه على يوغورطة
وكان الرومان يعظون ماريوس لأنه قضى على اكبر عدو لهم جرعهم مرارة الهزيمة، وطعم الذل، وشغلهم بالحروب سبع سنين، ثم امتنع عنهم فلم يستطيعوا التغلب عليه بالقوة، وجازوه على ذلك بان أعادوا انتخابه للقنصلية ست مرات.وكان ماريوس يفخر بالقضاء على يوغورطة. وكان صيلة يقول للرومان بأنه هو الذي قضى عليه. فكان هذا من أسباب العداوة التي شبت بعد ذلك بين صيلة وماريوس فأغرقت روما في الدماء. يوغورطة ! بطل المغرب العبقري المخلص! حارب الرومان سبع سنين، وركبهم بالهزائم، وعجزوا عن إخماده وإخماد البربر بالقوة، وهم اكبر دولة في ذلك الزمان، وأقوى امة في ذلك العصر. قد خضعت لسلطانها كل الدول الكبرى، وطأطأت لسطوتها كل الشعوب القوية. لقد أحنى الرومان بقوتهم رءوس الملوك الأقوياء، ورءوس الأمم القوية، ولكن البربر لم يخضعوا لهم، ويوغورطة لم تنحن رأسه لهم. فظل يقاتلهم سبع سنين، ولولا غدر بوكوس لبلغ مرامه فيهم، فيكنسهم إلى البحر! لقد قاتل يوغورطة دفاعا عن وطنه في كل أنحاء دولته. قاتل في افريقية، وفي نوميديا، وفي موريطانيا الشرقية، وفي الشمال، وفي الصحراء، وفي السهول، وفي الجبال، وظل سبع سنين في لأمة الحرب مع الرومان لا يسكن ولا يستريح. وقضى أيامه في الملك وهو يجاهد لتنظيف الدولة وتوحيدها، وفي مجالدة المستعمرين ودفاعهم. ولو امتد اجله لبلغ كل آماله، فيقضي على الرومان في المغرب، ويوحد وطن الأمازيغ فيكون دولة واحدة، ويجعل المغرب أكبر دولة بعبقريته السياسية والإدارية، وبإخلاصه!
لقد كتب كثير من المؤرخين عن يوغورطة فمجدوه، وأرغمهم على الاعتراف ببطولته وبطولة البربر النادرة. فبعضهم كان سهما فانتصر على القول الصواب، وبعضهم كان سيفها فقال في يوغورطة ما يقوله السفهاء الذين لا شرف ولا عقول لهم فيمن يكرهون.
المصدر: كتاب تاريخ المغرب الكبير الجزء الأول
تأليف : محمد علي دبوز أستاذ الأدب والتاريخ في معهد الحياة بالجزائر
https://tafat.net/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A-%D9%8A%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%B7%D8%A9/?fbclid=IwAR1oChDswX3XqpRKBInVKVC-XCvEvlnDAP5YjW30JL8x8gLqCn8pYAe0I-I