نقوش «طاسيلي» العجيبة: قصة كهوف جعلت «سيفار الجزائرية» أعجوبة الدنيا الثامنة
تحتضن أرض الجزائر الكثير من المواقع الأثرية، وتقف هضبة «طاسيلي ناجر» الشاسعة في الصحراء الجزائرية شاهدة على هذه الحقيقة باحتضانها أكبر مدينة متحجرة في العالم، ألا وهي مدينة «سيفار». تقع هضبة طاسيلي ناجر في مقاطعة إليزي جنوب شرق الجزائر على الحدود مع ليبيا والنيجر ومالي، وتبلغ مساحتها نحو 72 ألف كيلومتر مربع، وتعني «هضبة الأنهار» باللغة الأمازيغية.
تشتهر مدينة سيفار بشكلها الذي يشبه سطح القمر بسبب المناظر الطبيعية الصحراوية الغريبة الناتجة من تآكل الطبقات الصخرية الضعيفة، ووجود بانوراما تكوينات صخرية تشهد على تتابع العصور والتغيرات الجيولوجية في المنطقة، لكن ما يجعلها جديرة بلقب أعجوبة الدنيا الثامنة هو وجود رسوم أثرية مذهلة يعود تاريخها إلى نحو 10 آلاف عام، لتصبح بذلك أكبر متحف في الهواء الطلق في العالم، وأكبر مدينة كهفية في العالم.
تشتهر المنطقة بمجموعة من اللوحات المنقوشة على الصخور، ومنذ اكتشافها عام 1933، حدد العلماء وجود ما يزيد على 15 ألف نقش صخري حتى الآن، تسجل النقوش الصخرية التغيرات المناخية، والتغيرات التي طرأت على النباتات والحيوانات، وهجرات الحياة البرية، وتسجيلات للحياة اليومية الاجتماعية، كذلك، تضم المدينة أكثر من 5 آلاف منزل كهفي. كانت هذه المزايا قادرة على ضم مدينة سيفار إلى قائمة التراث العالمي في عام 1982.
اكتشف وجود المكان عام 1932 الملازم الفرنسي برينان أثناء محاولة العبور من الجزائر إلى ليبيا، وعندما أخبر السلطات بما رأى، استدعت السلطات عالم الآثار الفرنسي هنري لوت لاستكشاف المنطقة. اعتمد لوت على دليل من ساكني المنطقة يدعى جبرين مشار، والذي يعده البعض المكتشف الأول للرسوم، والذي ينتمي لقبائل الطوارق، إلا أن لوت نشر كتابه الخاص بالاكتشاف الكبير متجاهلًا الإشارة من قريب أو بعيد لمجهودات جبرين.
قسم العلماء الرسوم والنقوش الموجودة على كهوف طاسيلي إلى عدة مراحل، وهي:
حقبة الحيوانات البرية الكبيرة (10 آلاف- 6 آلاف قبل الميلاد): وهي مرحلة الصيد البري المبكر، وتشمل الرسوم صورًا لبعض الحيوانات كالبقر الوحشي، والتمساح، ووحيد القرن، وفرس النهر، والزرافة، ويظهر البشر في تلك الرسوم يحملون العصي والرماح والأقواس لصيد الحيوانات، وتصور هذه الفترة الحياة في المنطقة حينما كانت جنة خضراء.
نقش ضخم للماشية في مرحلة الصيد المبكر
مصدر الصور: موقع منظمة TARA الدولية
مرحلة الرؤوس المستديرة (8 آلاف- 6 آلاف قبل الميلاد): تتخلل هذه الفترة مع الفترة السابقة، وزادت عليها رسوم لأشخاص ذوي رؤوس مستديرة، لكنها بلا ملامح واضحة.
الحقبة الرعوية نحو 7 آلاف قبل الميلاد: ومعها بدأ احتراف الرعي وتدجين الأبقار والأغنام والماعز، وصورت هذه الحقبة رسومًا لأشخاص يرعون قطعانًا من الماشية.
– حقبة الخيول 3000 – 2000 سنة قبل الميلاد: وخلالها بدأ الإنسان في تسخير الخيول لخدمته، وجر العربات.
حقبة الجمال 2000 سنة قبل الميلاد: وبدأت هذه الحقبة مع بداية تصحر المنطقة وقلة المساحات الخضراء؛ مما جعل الجمل الحيوان الأمثل للاستخدام.
ورغم أن عمر الرسوم في هذا التقسيم يبدأ من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، فإن هناك شكوكًا حول العمر الحقيقي لرسوم هضبة طاسيلي ونقوشها بسبب عدم دقة الطرق التي يستخدمها العلماء لتقدير الأعمار، وهي طريقة التحلل الإشعاعي لعدد من العناصر الكيميائية، وقد ذهب بعض العلماء إلى تقدير العمر بنحو 30 ألف سنة.
مدينة سيفار الحجرية الأسطورية بالجزائر ... أعجوبة العالم الثامنة
مرحلة الرؤوس المستديرة (8 آلاف- 6 آلاف قبل الميلاد): تتخلل هذه الفترة مع الفترة السابقة، وزادت عليها رسوم لأشخاص ذوي رؤوس مستديرة، لكنها بلا ملامح واضحة.
الحقبة الرعوية نحو 7 آلاف قبل الميلاد: ومعها بدأ احتراف الرعي وتدجين الأبقار والأغنام والماعز، وصورت هذه الحقبة رسومًا لأشخاص يرعون قطعانًا من الماشية.
– حقبة الخيول 3000 – 2000 سنة قبل الميلاد: وخلالها بدأ الإنسان في تسخير الخيول لخدمته، وجر العربات.
حقبة الجمال 2000 سنة قبل الميلاد: وبدأت هذه الحقبة مع بداية تصحر المنطقة وقلة المساحات الخضراء؛ مما جعل الجمل الحيوان الأمثل للاستخدام.
ورغم أن عمر الرسوم في هذا التقسيم يبدأ من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، فإن هناك شكوكًا حول العمر الحقيقي لرسوم هضبة طاسيلي ونقوشها بسبب عدم دقة الطرق التي يستخدمها العلماء لتقدير الأعمار، وهي طريقة التحلل الإشعاعي لعدد من العناصر الكيميائية، وقد ذهب بعض العلماء إلى تقدير العمر بنحو 30 ألف سنة.
مدينة سيفار الحجرية الأسطورية بالجزائر ... أعجوبة العالم الثامنة
وهذا أبرز ما نقلته نقوش طاسيلي الصخرية العجيبة
تتسم النقوش والرسوم الصخرية في المنطقة بالبساطة، فالرؤوس البشرية المرسومة على الجدران دائرية وبسيطة، وتحتوي على أنماط هندسية، ومطلية باللون الأحمر ومزينة بالأبيض والأزرق والأصفر، كان ساكنوا المنطقة ينقشون رسومهم على صخر الجرانيت الصلب، بينما يرسمون على الحجر الرملي مستخدمين حجر الإيماتيت الطيني ذي الألوان المتعددة، لكنهم كانوا يخلطونها بمواد أخرى بعد طحنها لم تعرف حتى الآن، وهذه المواد هي التي ساهمت في بقاء الرسومات حتى الآن.
مدينة سيفار المفقودة ! اللغز الغامض و المرعب التي تخفيه الجزائر !؟؟
وتشهد الرسوم والنقوش الصخرية على العلاقة القوية بين الإنسان وبيئته، حيث تُظهر بعض النقوش سلوكيات التكيف مع قسوة المناخ، والتغيرات المناخية، والتغيرات في الحيوانات والنباتات، وهجرات الحياة البرية وتطور الحياة البشرية على حدود الصحراء، كذلك توضح الرسوم فكرة عن السكان الذين عاشوا في هذه المنطقة، وممارساتهم الدينية وحياتهم اليومية والاجتماعية.
مشهد المعركة من نقوش سيفار
مشهد المعركة من نقوش سيفار. مصدر الصورة: research gate
يصور نقش من هذه النقوش الصخرية على الأقل في سيفار معركة بين مجموعة من رماة السهام، يُظهر النقش 24 رجلًا إلى اليسار يقاتلون 13 رجلًا في اليمين بالسهام والأقواس، وتمتلئ ساحة القتال بالكثير من السهام التي سبق إطلاقها، كما تظهر في الحافة السفلية حزمًا من السهام المجمعة، وربما قد جهزوها للمرحلة التالية من المعركة، ولكن ما قد لفت نظر الباحثين أن مشهد المعركة يخلو من أي إصابات في الطرفين.
تظهر بعض الصخور صورًا لتدجين الأبقار، وصورًا أحدث لتدجين الخيول والإبل، كما تظهر بعض الأنواع التي تعتمد على الماء، مثل فرس النهر والأنواع المنقرضة التي كانت تعيش في المنطقة.
رسوم لكائنات فضائية.. هذه أبرز الأساطير التي تدور حول نقوش طاسيلي
نشأت حول المنطقة العديد من الأساطير، فبسبب ظهور كائنات برؤوس مستديرة وعين واحدة ويصل طولها إلى ثلاثة أمتار في إحدى الرسوم، ظن بعض الباحثين أن هذه صور لكائنات فضائية، بينما فسرها بعض العلماء بأنها مجرد صور لأفراد عاديين لكنهم يضعون أقنعة أثناء تأدية بعض الشعائر الدينية.
رسوم كائنات فضائية من طاسيلي ناجر. مصدر الصورة:«يوتيوب»
ذهب البعض إلى أن صور المعدات المعقدة والتطور الذي نقلته الرسوم قد رسمه عدد من الناجين من غرق قارة أتلانتس المتطورة، والذين قد استطاعوا الوصول إلى المنطقة واستيطانها، ولذا أرادوا نقل معارفهم وتجسيدها، ولكن ذهب المعارضون لهذه النظرية إلى صعوبة وصول الناجين من غرق أتلانتس إلى الجزائر لبعدها عن المكان المتوقع للقارة إن وجدت، وهو في وسط المحيط الأطلسي.
نظرية أخرى ترجح وصول سكان المنطقة إلى درجة كبيرة من التطور؛ ما جعلهم يسجلون رسومهم ونقوشهم على الجدران، وربما قد دمرت حضارتهم نفسها من عظم التقدم، أو أن سبب نهايتها لا يزال مبهمًا.
https://sasapost.co/tassili-najjer/?fbclid=IwAR31cssCl60fK5lFUZEwGKHHjpecP2m7a6c_wovjJfsQXnb5-QF0SXlBj48