تحرر المرأة الامازيغية مرتبط بتحرر الأمازيغ من الكولونيالية
بؤس المرأة و تحررها في المجتمعات المتحررة الرآسمالية مقترن بالصراع الطبقي, طبقة تملك وسائل الانتاج وطبقة تبيع قوة عملها للحفاظ عن إستمراريتها في العمل والانتاج, والمرأة جزء من هاتين الطبقتين, فتحررها الآنساني وإثبات إنسانيتها يتم فقط بتحطيم النظام الإستغلالي المستعبد للإنسان, النظام الرأسمالي في مرحلته الإمبريالية. في المجتمعات الواقعة تحت نير الاستعمار الإستطاني المتخلف, شمال افريقيا نموذج لها, فالمرأة تعاني الإضطهاد المزدوج نتيجة الاضطهاد الكولونيالي الاستغلالي الاستبدادي و موروثه الثقافي الظلامي المعادي للإنسانية. المرأة الامازيغية تعاني الاضطهاد المزدوج المستهدف للشعب الامازيغي في جمعه من طرف النظام الكولونيالي, فالمسألة ليست صراع أنثوي-ذكوري, كما يروج مؤدلجي العروبة الاستعمارية, وإنما القضية تكمن في الاضطهاد الكولونيالي وايديولوجيته العقائدية العرقية-الدينية المستعبدة للشعب بشقيه الذكوري والأنثوي, إستعباد الشعب الامازيغي بمنظور الغنيمة التاريخية. تحرر المرأة الامازيغية مرتبط عضويا بالتحرر من النظام الكولونيالي العروبي الاستغلالي وثقافته الظلامية.
من تاريخية ظلم المرأة الأمازيغية, نستنتج أنه يؤرخ لما بعد فترة الاحتلال العربي وترسيخ لثقافة السبي والجواري والحريم, الثقافة الظلامية المعادية للقيم الامازيغية. فإذا بحثنا في تاريخ المجتمع الامازيغي,نستنتج أن هذا المجتمع كان أميسي, تربعت فيه النساء ريادة التراتبية الاجتماعية والسياسية, لعبت فيه المرأة الدور الرئيسي في عملية الانتاج والتسيير والقيادة. المرأة الامازيغية كانت حامي املاك الاسرة و وارثة املاك الزوج و كانت تتساوى في الارث مع الرجل واليها يرجع النسب , كما كانت ملكة في قومها مثل داهيا و تي هنان أو قائدة المقاومة المسلحة ضد الاستعمار, مثل لالة فاظمة نسومر, أو شاعرة و مقاومة مثل الشاعرة المقاومة تاوكرات أو الشاعرة هرة نايت هكو, أو مستشارة للحكام مثل كنزة الاورابية و زينب النفزاوية, أو مزارعة مستقلة إقتصاديا. المرأة في المجتمع الامازيغي القديم وصلت الى حد القداسة, فقد خلق الامازيغ, آلهة نسوية لعبادتها مثل الآلهة تانيت المعبودة الامازيغية, التي قال عنها هيرودوت أنها عبدت في كل أراضي ليبيا (شمال افريقيا) وفي اليونان وسمي بإسمها مدينة آثينا. وقد حافظت المرأة الامازيغية على رمزيتها القيادية والتسييرية حتى الآن, فتسمية ثامغاث التي تسمى بها المرأة, تعني القائدة, أما المرأة باللغة الامازيغية فهي (ثمتوث). لم تعرف مجتمعات شمال افريقيا تعدد الزوجات ولا ملك اليمين, ولا نظام الجواري والحريم, ما يدل عن إحترام وإجلال لرمزية المرأة. النظام الاسري الامازيغي بدأ بالانحلال تدريجيا مع الغزو العروبي, و إحلال محله النظام العبودي الظالم للمرأة و المنتهك لكرامتها الانسانية, و الذي فرض بالقوة في المجتمع الامازيغي المنهزم أمام القوة البربرية الظلامية, مما أدى الى تجريد المرأة الامازيغية من حقوقها وحريتها واستقلاليتها وإنسانيتها. تتغلغل الثقافة الاستعمارية الظلامية حولت المرأة من الذات القداسة والاحترام والريادة و الإبداع, الى مادة للإستغلال الجسدي والإحتقار والإذلال, فقد جعلها الموروث الثقافي الظلامي المتخلف مادة مشرعنة إجتماعيا وأخلاقيا لظاهرة دونيتها والعنف ضدها وإستغلالها الجسدي والحبس المقدس الناتج عن ثقافة الحريم.
تعرضت المرأة الأمازيغية لكل أشكال الاضطهاد المادي والنفسي, الاضطهاد المزدوج, رغم أن إضطهاد المرأة أتخذ منحى جنسي بحمولته المفاهمية المعادية للمرأة (السبي والجواري والحريم), فمعانات المرأة مع التنصل الاجتماعي والتشريعي ضاعف التمييز الجنسي ضدها سواء بالعنف الممارس ضدها و التنصل من الرعاية الصحية واللامساوة في العمل و اللامساواة أمام القضاء و ... . في غياب العدالة القانونية أصبحت المرأة بضاعة تباع وتشترى ( الاتجار بالنساء و السياحة الجنسية والتحرش الجنسي والإبتزاز الجنسي بالتصوير المهين جنسيا للمرأة). هذه المعانات من إنتاج السياسة والايديولوجية الظلاميتين القهريتين للكولونيالية, الايديولوجية الظلامية المتخلفة الاستعمارية التي لم تنصف البشرية كلها بغض النظر عن الجنس والعمر, نساءا ورجالا وأطفالا وشيوخا, إحتقرت إنسانية الشعوب, إستعبدت المرأة, كما إستعبدت الرجل, فإن الاضطهاد الكولونيالي إضطهد الشعب الامازيغي في إنسانيته. بؤس المرأة مرتبط ببؤس الشعب الأمازيغي (نسوي وذكوري) تحت سيطرة الاحتلال وثقافته العرقية الظلامية, شعب يعاني من الاضطهاد السوسيو-الاقتصادي والسياسي والثقافي والنفسي.
تكريس الثقافة الاستعمارية الظلامية المتخلفة, نقيض للثقافة المحلية وبديلا عنها و تغيير المعايير والمفاهيم والاعراف الاجتماعية الموروثة, التي جردت المراْة الامازيغية من مكانتها المرموقة اجتماعيا و سياسيا, لتستبدل بمفاهيم وقوانين جديدة خلخلت التركيبة الاسرية والاجماعية في المجتمع الامازيغي بإحلال ثقافة التفوق الذكوري, التمييز بين الجنسين, وطغيان الأفكار التحقيرية والدونية المكرسة لإيديولوجية التمييز الجنسي بتفوق الرجل وكماله عن المرأة.
بؤس النظرية الجنسية المدعية بتفوق الرجل و تخلف المرأة (الرجال قوامون عن النساء ) و (الرجال عليهن درجات), النظرية الظلامية التي إستطاعت أن تفرق بين الجنسين وخلق صراع بينهما, بهدف تفادي للعمل المشترك بين الجنسين والنضال معا للإطاحة ليس فقط بالمفاهيم الذكورية العنصرية وإنما الاطاحة بالأنظمة الاستغلالية الاستبدادية والإطاحة بالأنظمة الكولونيالية.
المعتقدات والاعراف والتقاليد المناهضة للمرأة والمحتقرة لذاتها المشككة في قدراتها العقلية إرتبطت بمرحلة معينة من تاريخ المجتمع الامازيغي, مرحلة سودوية مظلمة من تاريخ بلاد الامازيغ المرتبطة بفترة تغلغل الثقافة الاستعمارية العروبية المتخلفة الظلامية (النساء أقل عقل ودين), حتى أصبحت ظاهرة إجتماعية سائدة في المجتمع, تكرس لثقافة قداسة الذكورة ودونية المرأة, عن رسول العروبة ( لو كنت امر احد ان يسجد لغير الله, لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها). هذه الأفكار العقائدية الظلامية, قد أثبت العلم زيفها و فكك ميكانيزماتها الدالة على تدشين للامساواة بين الجنسين في النظام البطريركي العربي الإستغلالي والتمييز الوظيفي بين الجنسين, عن محمد (النساء عي وعورة فاستروا عيهن بالسكوت وعورتهن بالبيوت), الثقافة الظلامية حددت وظيفة المرأة (الحريم) في السجن المقدس بين السكوت والإختباء وراء الجدران. سياسة التمييز الوظيفي هدفها تمكين السلطة الاستعمارية من تحويل الصراع ضد الاستعمار و ضد ثقافة الاستلاب والاغتراب الى صراع جنسي بين المرأة والرجل, لإنتاج وعي مزيف يخفي كنه الصراع الواقعي, صراع الشعب المستعمر (فتح الميم) ضد قوة أجنبية وإيديولوجيتها العرقية,لضرب الوحدة الشعبية في النضال ضد الاستغلال والاستبداد والاستعمار.
ثقافة العبودية المنتجة لنظرية (الرجال قوامون على النساء), أكيد أنها لم تنصف النساء كما لم تنصف الرجال في مستعمرات العروبة. فالنظام الكولونيالي مارس التمييز العنصري والاستبداد ضد الشعب الامازيغي بنسائه ورجاله, إضطهد الشعب الامازيغي في جمعه, إنتهك حقوقه الجغرافية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية, فإذا حرمت المرأة الامازيغية من حقوقها, فإن حقوق بلادها كلها أنتهكت, بفقدان الشعب الامازيغي سيادته الجغرافية والسياسية.
تفنيد المفاهيم الرجعية الظلامية المعادية للمرأة يتم بالدلائل العلمية لتبيان تساوي الجنسين في القدرات المادية والعقلية, فالمرأة قادرة على تحمل الاعمال المرهقة في الحقول والمصانع, والمرأة قد تتفوق على الرجل في بعض الحقول العلمية والمعرفية, وبالتالي فالنظرة الايديولوجية (الاسلام) الكولونيالية هي المعيقة لإندماج الكامل للعنصر النسوي في الحياة المجتمعية, والمعيقة لحركة التطور الاجتماعي والثقافي والسياسي, وبإختصار إعاقة تحرر الانسان من القيود الاستعمارية المنتجة لثقافة التمييز العرقي, هذه الإيديولوجية هي العدو المباشر للمرأة وهي في خدمة السلطة الكولونيالية و عليه يستوجب توجيه نضال المرأة ضد هذه السلطة اللقيطة وايديولوجيتها الهدامة والمستبدة المعادية لكرامة الإنسان وحريته.
النضال النسوي عليه أن لا ينحصر في الخصوصية النسوية (حقوق النساء فقط), بل عليه الارتباط العضوي بالنضال العام الشعبي المطالب بالحقوق الطبيعية للشعب الامازيغي في التحرر والاستقلالية, فالنضال من أجل حقوق المرأة فهو مهم وعادل, لكنه سيكون ناقص ان لم يعالج ظاهرة معاداة المرأة بالإرتباط بالمسار النضالي العام, والبحث عن المسبب المباشر لبؤس المرأة, و هذه المهمة لا تتحقق الا بالنضال المشترك بين الخاص والعام, من أجل ثورة على ثقافة العبودية المنتجة للرجال قوامون على النساء, ثورة على الذهنية المتخلفة المنتجة لدونية المرأة, ثورة الشعب الامازيغي رجالا ونساءا ضد السلطة الكولونيالية الاستغلالية والاستبدادية و إيديولوجيتها الظلامية المتخلفة المكرسة لهيمنتها المادية والروحية, وبالتالي سيطرة الكولونيالية وإستمرارية الإضطهاد والتمييز الجنسي والاجتماعي.
الف تحية للمرأة الامازيغية في عيدها الاممي , الف تحية للمناضلات في العالم حاملات مشعل النضال ضد ثقافة السبي والجواري والحريم, و النضال من أجل التحرر من الفكر الظلامي القروسطوي اللانساني, من أجل التحرر من الانظامة الكولونيالية والاستغلالية.
#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=711503