عادة ما تستحضر كلمة "فايكنغ" صورة ذهنية لا لبس فيها، وهي الصورة النمطية للغزاة الإسكندنافيين الجريئين، واللصوص المخيفين ذوي البشرة البيضاء والشعر الباهت، الذين يداهمون بلا رحمة ويسافرون في طريقهم عبر العالم منذ أكثر من 1000 عام.

كتب التاريخ بحاجة لتحديث
لكن، على ما يبدو، فإن التفاصيل الحاسمة في هذه الأسطورة القديمة خاطئة، كما يكشف بحث جديد نشر في دورية نيتشر Nature في 16 سبتمبر/أيلول الجاري.

ووفقا لتحليل جيني كبير لأكثر من 400 هيكل عظمي من الفايكنغ منتشرة في جميع أنحاء أوروبا، لم يكن العديد منهم من أصل إسكندنافي، وكان العديد منهم لديهم شعر داكن وليس أشقر.

يقول عالم الوراثة التطورية إسك ويلرسليف، المنتسب إلى كل من جامعة كامبريدج University of Cambridge وجامعة كوبنهاغن University of Copenhagen في البيان الصحفي المنشور على موقع الأولى إن "النتائج تغير مفهومنا عن الفايكنغ في الواقع". مشيرا إلى أن هناك مشكلة متكررة بالنسبة لناشري كتب التاريخ بعدما ثبت أنها "بحاجة إلى تحديث".

فقد أعادت دراساته تشكيل فهمنا للتركيب الجيني التاريخي للسكان في جميع أنحاء العالم، من أستراليا إلى جنوب شرق آسيا وأميركا الشمالية وجنوب المحيط الهادئ، وأكثر من ذلك.

في الدراسة الجديدة -أكبر تحليل جيني للفايكنغ حتى الآن- قاد ويلرسليف فريقا من عشرات العلماء لفحص بقايا 442 هيكلا عظميا للفايكنغ انتشلت من المواقع الأثرية في الدول الإسكندنافية والمملكة المتحدة وأيرلندا وآيسلندا وغرينلاند وروسيا وأماكن أخرى، يعود تاريخ معظمها إلى عصر الفايكنغ (حوالي 793-1066م).

يشير تسلسل الحمض النووي للبقايا التي تتكون من عظام رجال ونساء وأطفال ورضع، إلى أنه قبل وأثناء عصر الفايكنغ تدفقت مجموعة متنوعة من التأثيرات الجينية الأجنبية إلى سلالات الدول الإسكندنافية، من آسيا وجنوب أوروبا والجزر البريطانية.
زيف الصورة الذهنية
يقول ويلرسليف "لم نكن نعرف من الناحية الجينية شكلها الفعلي حتى الآن". و"هذا يكشف زيف الصورة الحديثة للفايكنغ بشعر أشقر، حيث كان لدى العديد منهم شعر بني، وتأثروا بالتدفق الوراثي من خارج الدول الإسكندنافية".

داخل الدول الإسكندنافية، كان من المرجح أن تكون المناطق الجنوبية مناطق ساخنة للتنوع، كما تشير النتائج، ربما لأنها كانت أقرب جغرافيا إلى جنوب أوروبا وآسيا. في المقابل، كان تدفق الجينات داخل الدول الإسكندنافية أكثر تقييدا، حيث كان بعض سكان الفايكنغ أكثر عزلة مما كان يعتقد سابقا.

في مكان آخر، خلال هذه الفترة، لم تنشر رحلات الفايكنغ الغزو والتجارة فحسب، ولكن أيضا البذور الجينية التي لا يزال من الممكن رؤيتها في البشر اليوم، حيث يقدر أن 6% من الناس في المملكة المتحدة لديهم الحمض النووي للفايكنغ، وفي السويد أيضا بنسبة 10%.

يقول المؤلف الأول أشوت مارغريان من جامعة كوبنهاغن في البيان المنشور على موقعها "ذهب الفايكنغ الدانماركيون إلى إنجلترا، بينما ذهب الفايكنغ السويديون إلى بحر البلطيق وذهب الفايكنغ النرويجيون إلى أيرلندا وآيسلندا وغرينلاند".

"ومع ذلك، نادرا ما يختلط الفايكنغ من هذه الدول الثلاث وراثيا. ربما كانوا أعداء أو ربما هناك تفسير آخر صحيح. نحن لا نعرف".

الفايكنغ مفهوم وثقافة
لكن النتائج كشفت أيضا أنه خلال ذلك العصر أن الفايكنغ كان مفهوما وثقافة بقدر ما كان سؤالا عن الميراث الجيني، حيث وجد الفريق أن هيكلين عظميين من الفايكنغ مدفونين في الجزر الشمالية في إسكتلندا كان لهما ما يبدو أنه تراث إسكتلندي وأيرلندي نقي نسبيا، دون أي تأثير إسكندنافي، على الأقل ليس من الناحية الجينية.

ويوضح عالم الآثار سورين سيندبك من متحف مويزغارد Moesgaard في الدانمارك "أنشأ الشتات الإسكندنافي التجارة والاستيطان الممتد من القارة الأميركية إلى السهول الآسيوية". "لقد قاموا بتصدير الأفكار والتقنيات واللغة والمعتقدات والممارسات وطوروا هياكل اجتماعية وسياسية جديدة".

المصدر : الصحافة الأسترالية




تحليل الحمض النووي يكشف.. الصورة الذهنية عن الفايكنغ زائفة Aaoaoa10





تحليل الحمض النووي يكشف.. الصورة الذهنية عن الفايكنغ زائفة Aaoaoa10