الطبيب الامازيغي ابن الجزار .. أول أخصائي في طبِّ الأطفال
هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد، المعروف بابن الجزار، من أشهر أطباء وعلماء القرن الرابع الهجري، وهو مؤرخ وابن طبيب أيضا. قال عنه الذهبي في كتاب سير أعلام النبلاء: "ابن الجزار الفيلسوف الباهر وشيخ الطب". وهو أول طبيب مسلم يكتب في التخصصات الطبية المختلفة مثل طب الأطفال وطب المسنين،
ولد ابن الجزار في القيروان بالبلاد التونسية في حدود سنة 285 هـ/898 م لأسرة اشتهر أفرادها بالطب وتوفي فيها عام 369 هـ/979 م من أعمال تونس لأسرة اشتهر أهلها بالطب، وتوفي فيها عن نيف وثمانين سنة، وقيل إنه توفي في الأندلس. كان من أهل الحفظ والتطلع والدراسة للطب وسائر العلوم، حسن الفهم لها، لم تعرف له زلة في ممارسة الطب، عفيفا نزيها لا يتقاضى على تطبيبه أجرا.
وقد تتلمذ ابن الجزار على يدي أبيه وعمه، وكانا طبيبين حاذقين، الأول في طب العيون والثاني في الجراحة؛ كما تتلمذ على يد طبيب شهير في عصره هو إسحاق بن سليمان، وهو يهودي، وكذلك على إسحاق بن عمران.
إسهاماته العلمية
نال ابن الجزار شهرة تجاوزت حدود بلاده، فكان طلاب الأندلس يتوافدون إلى القيروان لتحصيل الطب عليه وذكر له عدة مصنفات أشهرها: (زاد المسافر) الذي إلى اللاتينية قسطنطين الإفريقي، (الاعتماد) في الأدوية المفردة، (البغية) في الأدوية المركبة.
عدّل ابن الجزار القوانين الطبية العامة وضبط أسماء النباتات بثلاث لغات هي العربية, اليونانية والامازيغية كما يؤكد على قاعدة مازالت سارية المفعول: " يتداوى كل عليل بأدوية أرضه لأن الطبيعة تفزع إلى أهلها".
قال عنه سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل، "إن أحمد بن أبي خالد كان قد أخذ لنفسه مأخذا عجيبا في سمته وهديه وتعدده، ولم يحفظ عنه في القيروان زلة قط، ولا أخلد إلى لذة، وكان يشهد الجنائز والعرائس، ولا يأكل فيها، ولا يركب قط إلى أحد من رجال إفريقية ولا إلى سلطان إلا إلى أبي طالب عم معد، وكان له صديقا قديما".
وترجم ابن الجزار عددا من كتب الأطباء اليونانيين، مثل كتاب "المقالات الخمس" لديسقوريدس، وكتاب "المقالات الست في الأدوية المفردة" لجالينوس. واطلع على كتب العديد من علماء العرب والمسلمين في الطب والصيدلة وعلوم الحياة وغيرها.
اتصل ابن الجزار بالدولة العبيدية (الفاطمية)، وكثرت أمواله وحشمه، وامتدت شهرته خارج القيروان، وقصده الدارسون من بقاع عديدة. وبقيت كتبه تدرس في تونس من قبل الأطباء قرابة ستة قرون بعد وفاته.
تكلم ابن الجزار في كتابه "سياسة الصبيان وتدبيرهم" عن رعاية الأطفال منذ خروجهم من أرحام أمهاتهم، وعن تغذيتهم ونومهم وغسلهم وتنظيفهم وإرضاعهم، وصفات اللبن وتركيبه، وعن المرضعات والحاضنات، وعن الأمراض التي تعرض للصبيان من الرأس حتى القدم، وعن رعايتها وعلاجها، وختم كتابه بالكلام عن طبائع الصبيان وعاداتهم؛ وهو أول من تكلم عن منعكس المص عند المولود. ومن خلال كتابه هذا نستطيع القول إن ابن الجزار هو أول طبيب عربي متخصص في طب الأطفال.
ولابن الجزار العديد من الكتب، مثل:
• زاد المسافر وقوت الحاضر: وهو كتاب في علاج الأمراض، من مجلدين، وقد ترجم وطبع باللاتينية واليونانية والعبرية مرارا.
• الاعتماد: وهو كتاب في الأدوية المفردة.
• البغية: وهو كتاب في الأدوية المركبة.
• العدة لطول المدة: وهو أكبر كتاب له في الطب.
• قوت المقيم: وهو كتاب كبير في الطب بعشرين مجلدا، حكى الصاحب جمال الدين القفطي أنه رآه بقفط.
• كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها.
• كتاب طب الفقراء.
• رسالة في إبدال الأدوية.
• كتاب في الفرق بين العلل التي تشتبه أسبابها وتختلف أعراضها.
• رسالة في الزكام وأسبابه وعلاجه.
• رسالة في النوم واليقظة.
• سياسة الصبيان وتدبيرهم: وهو كتاب جامع يبحث في طب الأطفال والعناية بهم، وما يعرض لهم من علل وأسقام في مختلف سني حياتهم، وفي تدبير هذه الأمراض وطرق معالجتها. وقد اقتبس منه الزهراوي بعض معلوماته الطبية.
• عمل العطريات المنتخبات