بلاي Pelayo زعيم  حركة الإسترداد  الأسبانية La Reconquista 
بلاي Pelayo زعيم  حركة الإسترداد  الأسبانية La Reconquista   1159 
ألفونسو الأول زوج ابنة بلاي
دور ثورة البربر في اعطاء الفرصة لتوسع المقاومة
-------------------------------------------------------------------
يا غافِلاً  وَلَهُ  في الدهرِ  مَوعِظَةٌ
                           إِن كُنتَ  في سنَةٍ  فالدهرُ  يَقظانُ
-------------------------------------------------------------------
ملخص ما سبق :
كان عقبة بن الحجاج من كبار القادة المسلمين الذين قادوا الحملات شمالي الأندلس وجنوبي فرنسا في أربونة وجليقية وغيرها، وقام بفتحها باستثناء الصخرة التـي تسـمى بصـخرة بلاي
إستمر عقبة والياً على الأندلس ستة أعوام وأربعة أشهر من سنة (116هـ- 121هـ/ 734م – 738م) وتوفي في سرقسطة وقيل في قرقشونه سـنة (123هــ/ 740م) .
ويمكن القول أن عقبة بن الحجاج كان خاتمة الولاة الأندلسيين الذين قاموا بالجهاد وراء جبال البرتات
وقد اختلفت المصادر  في أصل بلاي، فذكر أنه كان نبيلاً قوطياً هرب إلى جليقية ليقود حزب المعارضة ضد المسلمين،
ويروى أنه هرب من قرطبة سنة (98هـ/ 716م) في أثناء ولاية الحر بن عبد الرحمن الثقفي ، و تمت ملاحقته، ولكن بلاي هرب منه، واحتمـى في المناطق الجبلية، وانضم إليه عدد كبير من الأفراد الذين كانوا ناقمين كثيـراً على الحكـم الإسلامي .
ومن المؤكد أنه كان على رأس هؤلاء القوط الهاربين إلى الصخرة نفر من أهل بيت "لذريق وعدد من كبار القوط والقساوسة ورجال الدين الذين فضلوا الهجرة على العيش في البلاد التي فتحها المسلمون .
لجأ بلاي إلى منطقة صخرية فسميت باسمه، Pelayo Rock
أو مايعرف الآن بمغارة دونغا  Covadonga ..وهي منطقة صخرية قاحلة ووعرة، احتمى بها ومعه ثلاثمائة من رجاله ..
بدأ عقبة بن الحجاج بمضايقتهم وتشتيتهم، فلم يبق منهم سوى ثلاثين رجلاً، نفد غذاؤهم وطعامهم، حتى استهان المسلمون بهؤلاء الهاربين واستصغروا شأنهم وقالوا مستهترين: "ثلاثـون علجاً * ما عسى أن يكون من أمرهم"
واستطاعت هذه الشرذمة البسيطة أن تقـوي نفسـها، وتصبح نواة لمملكة جليقية التي استطاعت فيما بعد، أن تسترد كامل بلاد الأندلس ..
--------------------------------------------------------‐---------‐
حقيقة شخصية بلاي  Pelayo
يذكر المؤرخ حسين مؤنس في مقال له عن بلاي وميلاد اشتوريش أنـه اعتمـد علـى مجموعة من المدونات والنصوص النصرانية، التي تذكر أن بلاي هو ابن امير قـوطي يسـمى
برمودو وابن أخ للملك لذريق، وأنه اختلف مع عمه، فنفاه عن طليطلة قبيل دخول العـرب الـبلاد،فذهب إلى جيليقية، وأقام نفسه أميراً عليها ومات فيها سنة (119هـ/ 737م)
واعتمد حسين مؤنس على رواية أخرى، أكثر تفصيلاً من غيرها، أورد فيها أنه عنـدما غزا العرب الأندلس، هلك معظم القوط، إما بالسيف وإما بسبب الجوع، وأنه من نجا منهم فـر
إلى غاله(فرنسا)، ولجأ قسم كبير منهم إلى جيليقية، وهناك أقاموا على أنفسهم بلايو بن الـدوق فـافيلا ..
وروي أن بلاي حمـل سيف لذريق، وهرب إلى جيليقية حينما غزا العرب البلاد وتشرد في نواح عدة والناس يتجمعون لحرب المسلمين، فلما اكتملت عدته نازل المسلمين وانتصر عليهم فقدر وعظـم القـوط ذلـك ونصبوه عليهم أميراً ، وقد حكم بلاي تسعة عشر عاماً وتوفي سنة (119هـ/ 737م)
أما الروايات العربية عن أصل بلاي، فأكثرها تفصيلاً روايـة المقـري (1041هــ-1631م) عن ذلك، والتي يقول فيها :
"... قال غير واحد من المؤرخين: أول مـن جمـع فلـول النصارى بالأندلس، بعد غلبة العرب لهم، علج يقال له بلاي من أهل اشتوريش من جليقيـة، كان رهينة عن طاعة أهل بلده، فهرب من قرطبة أيام الحر بن عبد الرحمن الثقفي، ثاني أمراء العرب بالأندلس، وذلك في السنة السادسة من افتتاحهـا سـنة (98هـ- 716م) وثار النصارى معه على نائب الحر بن عبد الرحمن فطردوه وملكـوا الـبلاد وبقي فيهم الملك إلى الآن..."
 ويقول صاحب الأخبار المجموعة(*مجهول المؤلف) عن بلاي بأنه كان جليقيـاً واقترن اسمه بصراع قصير وبسيط، نشأ بينه وبين العرب الفاتحين، انتصر عليهم، وأبعـدهم عن النواحي التي كان يبسط سلطانه عليها ...
..وحينما عظم خطر بلاي، وأصبح يشكل تهديداً حقيقياً على أمن وسلامة الدولة الإسلامية في الأندلس، أرسل له المسلمون جيشاً كبيراً يقوده قائد عظيم يسمى علقمة بن عبد الرحمن بـنعلقمة اللخمي*، فغزا جليقية وتوغل في أرضها،
وحينما سمع بلاي ذلك تحصـن فـي مغـارة القديسة (مريم)، فحاصره المسلمون، وضيقوا عليه الخناق وهاجموه، إلا أنه انتصر عليهم وقتل معظم جنودهم، واستشهد القائد علقمة نفسه .

ويتفاخر الاسبان ويعتزون بهذه الموقعة، ويبالغون في الحديث عنها، وإبـراز أحـداثها وحيثياتها، ويعتبرونها بداية موفقة لحركة المقاومة المسيحية في شبه الجزيـرة الايبريـة، تلـك الحركة التي انتهت بإعادة البلاد إلى النصرانية بعد مضي ثمانية قرون من الصراع المرير .
أما الروايات الإسلامية عن هذه الموقعة فنادرة، وإن وجدت، فهي موجزة وغير دقيقة، فقد أشارت إلى وثوب بلاي على المسلمين في ناحية الصخرة ..
وحسب هذه الروايـات يعتبـر بلاي منشيء حركة المقاومة النصرانية، ومجدد الدولة النصرانية في الأندلس من بعد اندثارها، وتفرق كلمتها أول أيام الفتح، وأن نهوضه وقيامه بأمرها كان بمثابة الحجر الأول في بنائها من جديد
 وهناك نص آخر يرويه المقري (ت1041هـ/ 1631م) يتحدث فيه عن شخصية بلاي،ويفهم من هذا النص أن بلاي عز عليه ما وصل إليه حال قومـه، وهالـه وأفزعـه تـراجعهم المستمر أمام المسلمين، فأخذ على عاتقه استنهاض هممهم حتى يطلبوا بثأرهم مـن المسـلمين، وهذا يعني أنه منشئ حركة المقاومة أو الاسترداد المسيحية ضد المسلمين .
ثم يذكر صاحب الاخبار المجموعة نصاً اخر يوضح فيه كيفية ظهور بلاي في ناحيـةالصخرة، بعد ان استغل الخلافات والفتن التي حدثت في الأندلس في عهد واليها ابـي الخطـار
الحسام بن ضرار الكلبي (ت 130هـ/ 747م) .
 ويورد صاحب فتح الأندلس(نفس المؤلف المجهول) رواية صريحة تقرر أن بلاي كان مستقلاً بناحيته عـن المسلمين، ثم ثار على من كان بأطراف هذه الناحية من العرب في ايام واليهم عنبسة بن سـحيم الكلبي (ت107هـ/ 725م) وسيطر على منطقة جيليقية واشتبك عدة مـرات مـع المسـلمين،
فهزمهم وطردهم عنها،
ويورد المقري (ت1041هـ/ 1631م) رواية علـى قـدر كبيـر مـن حدد فيها هروبه من أيدي المسلمين بسنة (98هـ/ 718م)..
 علماً بأنه ليس من السهل مناقشة تلك التواريخ التي يقدمها لنا المؤرخون، فقيل انها كانت في أول أيام الفـتح، لان قائـد الجيش الإسلامي المنهزم أمام بلاي يسمى علقمة وهو من قادة طارق بن زيـاد العسـكريين وايضاً قيل ان هروب بلاي في فترة ولاية الوالي يوسـف الفهـري، أي بـين سـنتي (129ه- هـ138 و  -746-756  )
 ونلاحظ ان المـؤرخين المسـلمين، لا يتفقـون فيمـا بيـنهم علـى تـاريخ محـدد،
:black_small_square:︎ فالمقري(1041هـ1631م) يجعل ثورة بلاي أثناء ولاية عنبسـة بـن سـحيم الكلبـي سـنة (103هـ- 107هـ/ 721م-725م)
:black_small_square:︎ويجعلها صاحب الأخبار المجموعة في ولاية عقبة بـن  الحجاج السلولي سنة (116هـ-121هـ- 734م-738م)
:black_small_square:︎ويكتفي المقري بالقول إن بلاي هرب من قرطبة سنة (98هـ/ 716م) وكان متواجـداً في جليقية في العام التالي سنة (99هـ/ 717م) ..أيام الحر بن عبد الرحمن الثقفي عامل الأندلس،
وقد تمكن بلاي من الفرار من قرطبة، وتشرد في نواحي الأندلس الشمالية فترة من الزمن، وتنقل من جليقية إلى غيرها من المناطق، واسـتقر  هناك بين سنتي (97هـ- 100هـ/ 715م- 718م)..
والتف حوله نفر من القوط الهاربين من المسلمين، والايبريين الرومان المقيمين في هـذه الناحية، وبدأ يحرضهم للوثوب على العرب ويعيب عليهم التخاذل والاستسلام حتى نجـح فـي حثهم على الوثوب على الحكم الإسلامي ..
وكان عامل المسلمين علـى تلـك النـواحي هو القائـد البربري مونوسة فوقعت بينه وبين بلاي مناوشات حيث ظل يحاربه ويطـارده وأجبـره علـى التحصن بالصخرة في عدد قليل من أنصاره؛ ولو أنه استمر في حربه ونضاله ضده لتمكن مـن
قتله، ...
الا ان نزاعا وقع بين مونوسة وولاة الأندلس آنذاك نتج عنه مقتله في سـنة ( 113هــ-- / 731م)  فأصبحت الفرصة ملائمة لبلاي، فخرج من منطقة الصخرة ووسع حـدود إمارتـه الصغيرة حتى شملت جليقيه وغيرها  ..
وحينما تولى عقبة بن الحجـاج السـلولي فـي الفتـرة (116هـ-121هـ/ 734م-738م) تفرغ للقضاء على هذه الدولة الصـغيرة الناشـئة، وظـل يحاربها حتى ردها إلى الصخرة من جديد وأدخل بفضل معاملته الحسنة قسماً من أهـالي تلـكالنواحي في الإسـلام، وكادت دويلـة النصارى الناشـئة أن تنهار وينتهي أمرهـا ..
 لـولا أن ساعدتها الظروف التي مرت بها الدولة الإسلامية في الأندلس، وهذه الظروف تتمثل باضطراب أحوال المسلمين، وانتشار الخلافات بينهم، بسبب العصبية اليمنية والقيسية في الوقت الذي وثب(*ثار) فيه عبد الملك بن قطن (ت123هـ / 741م)، ومن معه من اليمنيين بعقبـة بـن الحجـاج (ت 123هـ/ 741م)،وأخذوا الحكم من يده .
 وهو ما أفسح المجال واسعاً أمام بلاي واتباعه للخـروج
من الصخرة، والانطلاق خارجاً، وتوسيع حدود إمارته على حساب أراضي الدولة الإسـلامية، مستغلاً الخلافات والاضطرابات التي كانت تعصف بالأندلس آنذاك .
ثم وقع الخلاف بين العرب والبربر ، وانتشر هذا النزاع في جميع أنحاء الجزيرة، حيث كان عقبة بن الحجاج قد ترك على منطقة جليقية عاملاً من طرفه ، هو علقمة بن عبـد الـرحمن
اللخمي، ومعه فرقة من الجنود لقمع بلاي، فعظم على علقمة ومن معه ما رأوا من تقدم وزحف بلاي وجماعته فساروا إليهم بقوة صغيرة، وتوغلوا في بلادهم حتى أدركوا الصخرة
 وتحصن بلاي منهم في جبل هناك يسمى جبل أوسبة
واحتمى بقسم من جنوده في مغارة كبيرة تسـمى
"ماريا المقدسة" ولما أراد علقمة وأصحابة الصعود إلى الصخرة واقتحام الجبل هبط عليهم بلاي وجماعته وهزموهم هزيمة نكراء، وقتلوا عدداً كبيراً من المسلمين، حتى استشهد القائد علقمـة نفسه،
ونتج عن ذلك تشرد المسلمين في تلك النواحي مما جعل بلاي يتشجع هو وأصحابه وبدأوا يعملون على استعادة ما فقدوه على أيدي المسلمين .. ومما ساعده علـى ذلـك، تلـك الفـتن
والاضطرابات التي أصابت المسلمين في فتـرة ولايـة أبـو الخطـار الحسـام بـن ضـرار الكلبي(ت130هـ/ 747م)، والصميل بن حاتم(ت142هـ/ 759م)، مما قوى مركزه وثبت أقدام جماعته .
وتبالغ بعض المراجع في ابراز وتعظيم هذه الموقعة، ويبدو أن سبب هذا التعظيم يعـود إلى روايات بلاي وأصحابه ممن شهدوا المعركة، وأياً كان الأمر، فيمكن القول إن هذه المعركة
البسيطة التي أهملتها الروايات الإسلامية، كانت قد وضعت أسـاس الدولـة النصـرانية التـي أصبحت تناوئ المسلمين، وبفضل صبرها ومثابرتهـا، وانغمـاس المسـلمين فـي خلافـاتهم ومشاكلهم، استطاعت أخيراً طردهم من اسبانيا ..
ويمكن القول إن هذه الحادثة لم تكن لتعني شيئاً لو لم يعقبها من الأحـداث مـا زاد مـن قيمتها وأهميتها، مثل انقسام المسلمين على أنفسهم، وعجزهم عن توحيد أنفسهم لقتال هذه الفئـة المتمردة.
ويمكن اعتبار بلاي واضع أساس الدولة النصرانية الشمالية الغربية، التـي حملـت لواء المقاومة في تلك المناطق، ويعود لبلاي الفضل في جمع شمل النصارى، وقيادتهم في حرب موفقة ضد المسلمين
وقد انتهت ولاية عقبة بن الحجاج السلولي(ت123هـ/ 741م)، الذي كان متوقعاً منه أن يُتمّ القضاء على حركة بلاي، إلا أنه توفي، وصار الأمر لعبد الملك من بعده، وهو الذي كـان
متعصباً لليمنية، اضافة إلى انه كان سيء السياسة في الحكم
واشتعلت نيران الثورة البربرية في الأندلس،..
 وقدم بلج بن بشر(ت124هـ/ 742م) مع الشـاميةللأندلس لاخماد ثورة البربر، ثم اشتعلت نيران الفتنة بين العرب البلديين والشاميين، مما جعـل الأندلس تموج بالاضطرابات، وبدأت مكانة العرب بـالتراجع ودب فـي جسـدهم الضـعف،
واستمرت هذه الأحداث حتى قدوم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأنـدلس (ت172هــ/ 787م) وقيام الإمارة الأموية على يديه سنة (138هـ/ 755م) ..
وتقع ولاية بلاي غرب جبال البرتات، وهي منطقة لم تخضع لحكم المسـلمين، وكـان يحكمها الفونس الذي تزوج من ابنة بلاي*
وذكر أن بلاي توفي سـنة (119هــ / 737م) وقيل أنه توفي سنة (122هـ/ 739م) أو سنة (135هـ/ 752م) ، أي قبل قيام الإمارة الأمويـة بثلاث سنوات .
وحينما توفي بلاي ترك الحكم لابنه فافلة fAfILA الذي لم يعمر أكثر من سـنتين ومهد الطريق أمام الفونس الأول (122هـ- 140هـ / 738م- 757م) الذي تسميه المراجـع العربية باسم أذفونش بن بيطرة ويسميه لسان الـدين بـن الخطيـب (ت776هــ/ 1374م)   بالقاطوليقي بمعنى الكاثوليكي ..
وقيل فيمن تولى بعد بلاي :
 "... وما زالوا ممتنعين بوعرها أي الصخرة- إلى أن اعيـا المسلمين أمرهم واحتقروهم وقالوا: ثلاثين علجاً ما عسى أن يجيء منهم؟ فبلغ أمرهم بعد ذلـك  القوة والكثرة والاستيلاء ما لا خفاء به وملك بعده – أي بلاي- أذفونش جد عظماء الملـوك المشهورين بهذه السمة"
 وقد كانت هذه الجماعات المسيحية نشيطة ومثابرة لا تكف عن المناوشة والقتال واستمر نشاط الأذفونش قرابة ثمانية عشر عاماً، وكان دائمـاً يقـوم بحمـلات مضـادة ضـد
المسلمين وفي فترة مجيء الفونسو الأول، تولى حكم الأندلس عبد الملك بن قطـن (ت123هــ/ 741م) الذي كان يمنياً مفرطاً في تعصبه لليمنية، سيء السياسة، وقد ساءت الأمور في عهـده، وهجم البربر في الأندلس علـى العـرب
وذكر عن الفونسو أنه كان زعيماً قوياً نشيطاً، وهو لم يكن من بيت بلاي، وإنما كـان ابنا لبيطرة دوق كنتبرية ولكنه تزوج من ابنة بلاي، وتسمى آرمنسندا وقد وصل للحكـم  بعد وفاة فافلة بن بلاي الذي لم يترك على ما يبدو أعقاباً يرثونه العرش بعد وفاته،
ثم ازدادت الأمور تعقيداً حينما دب النزاع بين العرب الشاميين والبلديين، مما جعل الأندلس شـعلة من النيران، وقد كان الفونسو ذكيا، فقد انتهز فرصة انشغال المسلمين بحروبهم الداخليـة وبـدأ يعمل على توسيع حدود إمارته مضيفاً إليها مساحات اخرى وساعده على ذلك أن بربر تلـك النواحي التي يسميها صاحب الأخبار المجموعة "بخلف الدروب" بدأوا يهجرون مناطقهم متجهين صوب الجنوب وتبعهم العرب في ذلك ..
ومما يروى في هذا الصدد "... أن بربر الأندلس لما بلغهم ظهور بربر العـدوة علـى عربها وأهل الطاعة وثبوا في أقطار الأندلس، فأخرجوا عرب جليقية وقتلوهم، وأخرجوا عرب
استرقة والمداين التي خلف الدروب، وفوجئ ابن قطن بفلولهم قد قدموا عليـه، وأنضـم عـرب الأطراف كلها إلى وسط الأندلس إلا ما كان من عرب سرقسطة وثغرهم، فإنهم كانوا أكثر مـن البربر، فلم يهج عليهم البربر فأخرج إليهم عبد الملك جيوشاً فهزموهـا، وقتلـوا العـرب فـي الآفاق"
ولم تكن هجرة البربر من شمال الأندلس إلى جنوبها بقصد عمـارة الأنـدلس، ولكـنهم هجروا المناطق التي كانوا فيها ليتجمعوا لقتال العرب
وكان من نتـائج هجـرة البربـر فـي الأندلس أن أصبحت مزارع الأندلس وأراضيها خالية من السكان بسبب الحروب والفتن، فاختل حبل الأمن، وخربت المزارع، وقلت المحاصيل، وعمت الأندلس مجاعة من سـنة (124هــ-133هـ /741م- 751م)
وقد مهدت هذه العوامل مجتمعة الطريـق أمـام الفونسـو الاول لتوسيع حدود امارته على حساب حدود الدولة الإسلامية، التي أخذت بـالتراجع
، وقـد حكـم ألفونسو عشرين عاماً امتدت من سنة (739م/ 757م) وتوفي في بدايـة عهـد الأمير عبـد الرحمن الداخل  سنة (142هـ/ 759م) وفي عهد ألفونسو الأول انتقلت حركة المقاومة الأسبانية من طور النشوء إلى طور التوسع .
مما سبق، نلاحظ ان انشغال المسلمين بخلافاتهم الداخلية سواء بين العرب والبربـر، أو بين العرب انفسهم، كان من ابرز العوامل التي ساعدت على ميلاد حركة المقاومة الاسبانية في هذا الوقت المبكر من التاريخ الأندلسي، وقد استغل قادة هذه الحركـة الخلافـات التـي كانـت تعصف بالمسلمين في الأندلس لتوسيع حدود إماراتهم على حساب أراضي المسلمين.
-------------------------------------------------------------------
*علج: جمعها علوج وأعلاج وهو كل جافٍ شديد من الرجال. (أنظر المعجم الوسيط، ج2 ،ط2 ،ص621
* أبرز المراجع :
 يملأ لاحقا ان شاء الله
الأندلس في عصر الولاة ص 95 - 104 رسالة الدكتوراة جامعة نابلس . إعداد أشرف يعقوب أحمد اشتيوي إشراف الدكتور هشام أبو رميلة .
 -------------------------------------------------------------------