لا يمكننا اعادتك الى الارض دولتك لم تعد موجوده
نعتذر إبقى في الفضاء للأبد لا يمكننا إعادتك إلى الأرض الدولة التي أرسلتك لم تعد موجودة
هذه الرسالة السابقه وصلت الى الرائد سيرجي كريكاليف بعد ارساله في مهمه بالفضاء
انها قصة آخر مواطن سوفياتي بالفضاء
تخيل صديقى أن تغادر بلدك في رحلة وعندما تريد العودة يرفض بلدك ووطنك استقبالك مره اخرى ، و عندما تعود إلى بلدك تجد ان كل شيء فيه قد تغير عن ما عرفته سابقا
أسم بلدك تغير ، و حدوده اعيد ترسيمها حتى راتبك نفسه تغير ، هذا ما حدث بالضبط مع المواطن السوفياتي وعالم الفصاء الشاب سيرجي كريكاليف
سيرجي كريكاليف
اخر الرواد السوفيت
في شهر مايو من عام 1991 م كان رائد الفضاء السوفياتي سيرجي كريكاليف ذو 33 عاماً يستعد للصعود إلى محطة الفضاء السوفياتية مير مع زميلته البريطانية هيلين شارمان ومواطنه اناتولي ارتسبراسكي فى مهمه ثلاثيه
كان الانطلاق من قاعدة بايكونور في ما يُعرف اليوم بكازاخستان حيث كانت في ذلك الوقت احدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي ، وما هي إلا دقائق حتى كان سيرجي في الفضاء مع زملائه
كان سيرجي طياراً ماهراً فقد صعد إلى الفضاء عدة مرات من قبل ، كانت المحطة مير بحاجة إلى عناية وكان سيرجي هو الأفضل بين زملائه للعناية بها ، و كانت المهمة قد حُددت ب5 أشهر ، كان العمل يسير بشكل عادي داخل المحطة
تغير الوضع السياسي على الارض
حيث كان سيرجي يدور حول الأرض أكثر من عشر مرات يشاهد خلالها تعاقب الليل والنهار وتبدل الفصول أيضاً ، كان منظر الأرض من الفضاء ساحرا لكن على الأرض لم تكن الأحوال ساحرة كما في الفضاء خاصةً في بلده الاتحاد السوفيتي الذي كان يعاني ظروفاً سياسية صعبة و ظروفاً اقتصادية أصعب ، كان الاتحاد على وشك الانهيار و التفكك
وفي فجر 19 أغسطس 1991 م كانت الدبابات قد اجتاحت الميدان الأحمر في محاولة انقلاب على الرئيس ميخائيل غورباتشوف ، وازدادت الأوضاع سوءاً يوماً بعد يوم وانهار الروبل أيضاً
كل هذا وسيرجي لا يعلم شيئاً عن ما يجري على الأرض
عوده الرواد الى الارض
مر سبتمبر ثم أكتوبر وعادت البريطانية هيلين شارمان إلى الأرض ، وقبل نهاية أكتوبر عاد أناتولي إلى الأرض أيضاً وبقي سيرجي وحده في المحطة.
حل نوفمبر وكان من المفروض أن يعود سيرجي في أكتوبر لكنه كلما طلب الهبوط يتلقى رداً واحداً وهو لا يوجد أموال لتمويل مهمة العودة
لا توجد رحله الى الارض
لم يكن سيرجي يعلم أن الاتحاد السوفيتي وطنه قد تفكك ففي 25 ديسمبر 1991 م أعلن ميخائيل غورباتشوف عن تفكك الاتحاد السوفياتي إلى 15 دولة ، كما أن مدينة لينين غراد التي وُلد فيها سيرجي أصبحت تُسمى سان بطرسبرغ ، كل شيء تغير ، الأسماء ، حدود الدولة
و لأن روسيا الدولة الجديدة كانت منشغلة بالترميم فإنه كان أخر اهتماماتها ، متناسية ما يمكن أن يحدث له من ضمور للعضلات أو إصابة بالسرطان أو تعرضه للإشعاعات الفضائية القاىٌلة فالمدة التي كانت من المفترض أن تكون خمسة أشهر قد طالت دون أمل بالرجوع
خطوره البقاء فى الفضاء
كان من الممكن أن يعود سيرجي إلى الأرض لوحده لأنه توجد كبسولة مخصصة للعودة في المحطة ، لكنه فكر في المحطة التي ستنتهي اذا رحل و تركها ، لأنها بحاجة لمن يديرها و يعتني بها
و قد ظل سيرجي يعمل رغم كل شيء و رغم عدم وجود أمل بالعودة و رغم أنه أصبح بلا وطن ، فوطنه الذي أرسله و قد اختفى !
بيع المقاعد الروسيه فى رحلات الفضاء
استمر الحال على ما هو عليه وسيرجي صابر في الفضاء وحيداً ، و بدأت روسيا الدولة الجديدة ببيع مقاعدها في الرحلات الفضائية للدول الأخرى لترميم اقتصادها ،
فاشترت النمسا مقعداً ب7 ملايين دولار ، واشترت اليابان مقعداً لمذيع تلفازي ب12 مليون دولار ،
لكن لا أحد تبرع ليعيد سيرجي إلى الأرض ، فالتكلفة غالية كما أنه يجب على أحد أخر أن يحل مكانه في المحطة الفضائية .
عوده سيرجي كريكاليف
مرت أشهر يناير وفبراير و جاء مارس ، ففي نهاية هذا الشهر تلقى سيرجي خبراً أن المانيا ستدفع 24 مليون دولار ليتمكن من العودة و يحل رجل أخر مكانه
وأخيراً بعد 10 أشهر في 25 مارس 1992 م هبط سيرجي على الأرض ، كانت ملامحه منهكة وشاحبة وكانت بدلته الفضائية تحمل علم الاتحاد السوفيتي الذي أصبح دولة غير موجودة على ارض الواقع فقد صعد سيرجي سوفياتيا وعاد روسيا .وجد سيرجي كل شيء قد تغير من حوله ، بلده ، و حدودها التي تقلصت ، راتبه الذي أصبح زهيداً بفعل الأزمة الاقتصادية و انهيار الروبل ، حتى أسم مدينته تغير
المصدر: مواقع ألكترونية