[size=39]عقبة ابن نافع.. هل كان فاتحا أم غازيا؟[/size]
وكتب المؤرخ التونسي محمد الطالبي في كتابه (L’émirat aghlabide) أن "الأمازيغ خلال تلك الفترة أصبحوا عبيدا ليس ببلدانهم فحسب، بل حتى في المشرق، أصبحت النساء من جواري قصور الشرق".
ويرى نشطاء أمازيغ في عقبة ابن نافع "غازيا" لما وصلهم من سيرته العسكرية وقسوته على الأمازيغ، ويتساءل بعضهم عن السر وراء "تمجيد غاز وتحقير منافح عن وطنه (يقصدون القائد الأمازيغي كسيلة)".
ويرافع أمازيغ من الجزائر، مثلا، من أجل استبدال اسم عقبة ابن نافع في الثانويات والمدارس باسم كسيلة "ابن البلد الذي دافع عن عرضه، فنسي وبُجّل الغازي بدل ذلك"، حسبهم.
المؤرخ السابق للمملكة المغربية، حسن أوريد، يفصل بين رؤيتين في الموضوع كلاهما من منطلق أيديولوجي.
يقول أوريد، في حديث لـ"أصوات مغاربية": "هناك قراءة ترى في عقبة، من منظور أيديولوجي معين، أنه فاتح وصحابي، وتغض الطرف عن أخطائه، وهناك نظرة أخرى أيديولوجية كذلك، ترى فيه مستعمرا وغازيا".
أوريد: الأمازيغ أذعنوا للإسلام بالنصح لا عنوة، لكن عقبة لم يتعض
ويفضل أوريد تناول الموضوع من منطلق تاريخي، إذ يرى أن عقبة ابن نافع استفاد من صراع كان قائما بين "البرانس" و "البتر"، وهما قبيلتان من أمازيغ شمال أفريقيا، إذ "لم يكن ليستتب له الأمر لو لم يجد هذا الصراع".
وحسب المصدر ذاته فإن "الأمازيغ أذعنوا للإسلام بالنصح لا عنوة، لكن عقبة لم يتعض".
التوسع.. و الجزية
نتيجة لما سبق، يؤكد أوريد، أن عقبة "أصبح يتعامل مع السكان الأمازيغ باستعلاء، إذ ألزم كسيلة أو (آق كسيلة) بأعمال كان يقوم بها الرق كذبح البهائم للجنود العرب".
أوريد: أحد الخلفاء لم يستسغ تحول الأمازيغ للإسلام طمعا في الجزية
ويلفت أوريد الانتباه إلى أن ابن نافع "لم يخرج عن الرؤية العامة التي كانت سائدة في الدولة الأموية، والتي لم يكن يهمها نشر الإسلام بقدر التوسع" ثم يضيف: "لدرجة أن أحد الخلفاء لم يستسغ تحول الأمازيغ للإسلام طمعا في الجزية التي يؤديها غير المسلم للدولة المركزية".
وفي ختام حديثه لـ"أصوات مغاربية"، شكك أوريد أن تكون الحكمة والتعقل والقيادة الرصينة من سمات عقبة ابن نافع الفهري. "من الصعب عمليا القول إن علاقة عقبة بالأمازيغ اتسمت بالحكمة والمودة"، يردف أوريد.
على خلاف ذلك، يؤكد المؤرخ الجزائري، محمد القورصو، أن "من يحاولون تصوير عقبة ابن نافع كقائد دموي، يقومون بذلك بخلفية أيديولوجية، وينسون أن للحرب آلياتها".
في هذا الصدد، يوضح القورصو أن ما ينطبق على قصة عقبة ابن نافع ينطبق على الوجود العثماني بالمنطقة، "هناك من يرى الأتراك حماة من الغزو الكاثوليكي وهناك من يراهم غزاة بحد السيف".
أما بخصوص شخصية عقبة ابن نافع فيقول المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إنه "كان قائدا فذا، استعمل قاعدة الترغيب والترهيب كما يمليه الظرف".
ويستدل المؤرخ على قوله بالمدارس القرآنية التي بنيت إثر دخول الإسلام للمنطقة المغاربية، ودُور طلب العلم التي أضحت تحمله اسمه وهو دليل، حسبه، على "تعلق المسلمين الأمازيغ بهذا الرجل".
ؤمادي: الجهل بحقائق التاريخ هو من جعل أباءنا يبجلونه
بيد أن الباحث الليبي، ذي الأصول الأمازيغية، مادغيس ؤمادي، يرفض فكرة أن يكون عقبة ابن نافع محل حب سكان المنطقة لما "اقترفه من مجازر في حق الأمازيغ".
ويؤكد مادغيس، في حديث لـ" أصوات مغاربية"، أن "الجهل بحقائق التاريخ هو من جعل أجدادنا يبجلونه، لكننا اليوم بتنا نعرف تاريخه من كتب الأولين والمتأخرين".
ويتساءل المتحدث عن أحقية ابن نافع لصفة الداعي للإسلام، "وهو الذي تسبب في قتل الأمازيغ وتشريدهم وسبي نسائهم"، وفق قوله.