نقيب الصحافيين التونسيين: "هناك توجه لقمع حرية التعبير ونشعر أننا جميعا بحالة سراح مؤقت"
نقيب الصحافيين التونسيين: "هناك توجه لقمع حرية التعبير ونشعر أننا جميعا بحالة سراح مؤقت" 1688
نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي أثناء كلمة في وقفة احتجاجية للمطالبة بحرية الإعلام، أمام المسرح البلدي بالعاصمة التونسية 5 أيار/ مايو 2022.
تتزايد الانتقادات ضمن الأوساط الحقوقية والمدنية في تونس من تضييقات على حرية الإعلام والتعبير التي تعد أبرز مكاسب ثورة 2011. وتتجلى هذه المخاوف في ملاحقة صحافيين ومدير إذاعة في قضايا تقول الأوساط الإعلامية إنها "تتعلق بعملهم كصحافيين". كما زادت قضية إيقاف شابين على خلفية أغنية ساخرة من الأمن، قبل إطلاق سراحهما، من الانتقادات لسلطات قيس سعيّد بشأن "عدم احترامها الحريات". عن كل هذه الملفات، محاورة  نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي تم .
"حتى الفيل بابار يقبع في السجن".. بهذه الكلمات عبّر تونسيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن صدمتهم من إيقاف طالبين الثلاثاء بمنطقة نابل شمال شرق البلاد بسبب أغنية ساخرة من الشرطة وقانون معاقبة مستهلكي المخدرات، ووجه لهما القضاء تهمة "الإساءة للغير عبر شبكات التواصل" و"نسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي". قبل أن يطلق سراحهما الخميس.
نقيب الصحافيين التونسيين: "هناك توجه لقمع حرية التعبير ونشعر أننا جميعا بحالة سراح مؤقت" 1-325
إيقاف هذين الشابين يأتي في خضم ما يرى فيه مراقبون وناشطون وجمعيات مدنية تضييقا ما انفك يتزايد على الحريات العامة – على الأقل في جانبها المتعلق بحرية الصحافة والتعبير- منذ "الإجراءات الاستثناية" للرئيس قيس سعيّد.
مع سلسلة الملاحقات بحق الصحافيين ومسؤول مؤسسة إعلامية، هل يمكن القول إن الصحافة التونسية دخلت منعرجا جديدا للدفاع عن حريتها بعد مرحلة انفتاح منذ 2011؟
محمد ياسين الجلاصي: مع سلسلة الإيقافات والمحاكمات التي نعيشها اليوم، بالتأكيد نعيش منعرجا جديدا في تاريخ الصحافة التونسية. وهناك عشرات الإعلاميين من نشطاء وصحافيين يحالون إلى القضاء. هناك تراجع كبير وخطير جدا على مستوى حرية الصحافة والتعبير. التضييق على الصحافيين بدأ منذ مدة لكن الأمور ازدادت سوءا منذ اتخذ الرئيس قيس سعيّد الإجراءات المثيرة للجدل، هناك ردة واضحة عن حرية التعبير والصحافة.
نقيب الصحافيين التونسيين: "هناك توجه لقمع حرية التعبير ونشعر أننا جميعا بحالة سراح مؤقت" 1-1365
النقابة وصفت المرسوم 54، المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، بأنه "خطر داهم" يواجه الصحافة التونسية، ما سبب رفضكم المرسوم ولماذا تتهمون وزيرة العدل بالمسؤولية عن حملة الملاحقات؟
هذا المرسوم 54 جاء للتضييق على الحريات ومحاكمة الآراء، لم تتم محاكمة أي شخص بمقتضى هذا المرسوم إلا لأناس عبروا عن آرائهم من صحافيين ومدنيين ومحامين ووزيرة العدل كانت أكثر شخص يحاكم صحافيين. وهي تعطي تعليمات كتابية واضحة ومباشرة للنيابة العامة من أجل فتح هذه القضايا، ولم تفتح بسبب أخبار كاذبة أو زائفة، بل لصحافيين وإعلاميين عبروا عن آرائهم وانتقدوا الحكومة أو نقلوا حقائق كما حدث مع الصحافيين الملاحقين حاليا وهم أمين الضبايبي ومنية العرفاوي ومحمد بوغلاب.
ما قراءتك لإيقاف شباب نشروا أغنية ساخرة من الأمن، هل في ذلك رسالة ما من السلطات بشأن حرية التعبير؟
إيقاف الشبان يندرج بوضوح في سياق التضييق الشامل والتام على الحريات. ولا تطال الملاحقات القضائية الطلاب فقط بل هناك آخرون لم يتناول الإعلام قضاياهم. هناك مثلا شاب في محافظة القصرين نشر صورة على فيس بوك فيها شعار "الثورة مستمرة" فوجد نفسه موقوفا. هناك الكثير ممن يحالون إلى العدالة بعد إيقافهم في قضايا مثل "هضم جانب موظف عمومي" و"المس  من معنويات الأمن". هناك انطباع بأن التونسيين في حالة سراح مؤقت وكل شخص معرض للإيقاف في أية لحظة.
نقيب الصحافيين التونسيين: "هناك توجه لقمع حرية التعبير ونشعر أننا جميعا بحالة سراح مؤقت" 1--625
كنت صحافيا بجريدة معارضة في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي يوصف بالدكتاتوري، هل تصح المقارنة بين تلك الحقبة والوضع الراهن؟
لا يمكن مقارنة ما يحدث حاليا مع ما كان عليه الوضع في حقبة بن علي، فالسياقات مختلفة. هناك اختلافات بين زمن الدكتاتورية وزمن ما بعد الثورة، إلا أن السلطة الحالية تريد الاستعانة بنفس أدوات الدكتاتورية. لكن ما عاشه الناس من حرية طيلة العقد الماضي يجعلهم متشبثين بحرية الرأي والتعبير والنقد والتظاهر. عصر الانفتاح والتطور التكنولوجي لا يتطابق مع ممارسات السلطة الحالية. ذلك لا يمنع مؤشرات خطيرة جدا لتوجه نحو القمع والانغلاق. فالحكم الصادر ضد الصحافي خليفة القاسمي لم نر له مثيلا حتى في زمن بن علي.

في أوساط الصحافيين التونسيين، غالبا ما يتم الحديث عن وضع اجتماعي هش لكثير منهم، هل أضعف ذلك دفاعهم عن الحريات؟
الوضع الاجتماعي الهش للصحافيين على رأس أولويات النقابة لكن حتى الصحافيين الذين يعانون من وضع صعب يشاركون معنا في كل التحركات والمظاهرات للدفاع عن حرية التعبير، الجميع على وعي بأنه لا مقايضة بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحافيين وحرية التعبير. النقابة نظمت إضرابا الثلاثاء بسبب عدم حصول صحافيي قناة التاسعة على أجورهم واليوم الخميس نظمنا وقفة تضامنية مع زميلنا المحكوم بالسجن خليفة القاسمي.



المصدر:مواقع ألكترونية