مشروع مسار خروج اليهود من سيناء يثير الجدل في مصر بين العلماء والشيوخ ... والسياسيين
مشروع مسار خروج اليهود من سيناء يثير الجدل في مصر بين العلماء والشيوخ ... والسياسيين 14-150
تمثال رأس الملك رمسيس الثاني خلال حفل افتتاح معرض "رمسيس وذهب الفراعنة
على وقع الحرب في غزة واشتعال المنطقة وانعدام آفاق الحلول السياسية، وما يفرضه ذلك على دولها من أزمات اقتصادية خانقة تفرض عليها البحث عن حلول، أعلنت مصر نيتها البدء بمشروع سياحي "طموح"، من شأنه أن يعزز الأنشطة السياحية الدينية لديها.
المشروع الذي يأتي بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي وأعلن عنه رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، يتعلق بإحياء مسار خروج "بني إسرائيل" من سيناء وتطوير موقع "التجلي الأعظم" (حيث كلم الله موسى) بمدينة سانت كاترين في جنوب سيناء.
وقال عمرو القاضي، رئيس هيئة تنشيط السياحة في مصر، إن المشروع يتم التنسيق له مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية للترويج للمزارات الدينية والسياحية في مدينة سانت كاترين.
إعلان الحكومة المصرية، الذي لم يحدد معالم مسار خروج "بني إسرائيل" في سيناء، أثار جدلا داخليا، تحديدا بين علماء الآثار ورجال الدين، حيث اعتبر المختصين بعلم الآثار أن هذا الحدث لا صحة لوجوده، نظرا لعدم وجود أدلة أثرية تاريخية تثبته.
عالم المصريات زاهي حواس أكد أنه لا يوجد دليل علمي على وجود النبي موسى في مصر، الأمر الذي أكده أيضا نظيره وسيم السيسي، ما استدعى ردا من مفتي الجمهورية في مصر بقوله إن "عدم العلم أو الوقوف على آثار توضح حياة بعض الأنبياء، لا يدل ولا يعني عدم وجودهم، أو عدم حدوثها".
تطوير السياحة الدينية
في الإطار، اعتبر مجدي شاكر، كبير الآثريين في وزارة السياحة والآثار المصرية، في تصريحات صحفية أن مشروع مسار خروج بني إسرائيل يأتي استكمالا لمسار رحلة العائلة المقدسة واستكمالا لمزارات آل البيت، وأن مسار خروج بني إسرائيل هو استكمال للمثلث، حتى يكون لدى مصر سياحية دينية خاصة بالمسلمين والمسيحيين واليهود.
وأضاف شاكر أن مصر تسعى لتعزيز السياحية الدينية لديها، الإسلامية والمسيحية واليهودية، لجذب السياح.
وخفضت مصر توقعاتها لأعداد السائحين خلال 2024 من 18 مليون سائح إلى 16.5 مليون، وقال وزير السياحة والآثار، أحمد عيسى، إن الحكومة تسعى لجذب المزيد من السائحين من خلال مشروعات جديدة، على رأسها المتحف المصري الكبير الذي يقع على مقربة من أهرامات الجيزة.
مشروع مسار خروج اليهود من سيناء يثير الجدل في مصر بين العلماء والشيوخ ... والسياسيين 14--61
"لا وثائق تثبت واقعة الخروج.. بعض الدلائل الأثرية"
من جهته، قال خبير الآثار المصري مجدي شاكر في تصريحات إعلامية إنه "لا توجد وثيقة رسمية مكتوبة حتى الآن في هذا الشأن، ولكن هناك العديد من الدلائل التي تؤكد ذلك (خروج بني إسرائيل) مثل شجرة العليقة في دير سانت كاترين، وجبل الطور... هناك اختلاف على الطريق والمسار نفسه، هل مشوا من طريق حورس الحربي أم من الشمال من طريق نخل وهو طريق ضيق ولا يوجد به مياه".
الأمين السابق للمجلس الأعلى للآثار محمد عبد المقصود، اعتبر أن "مصر حاليا تهتم بإحياء المسارات الدينية بشكل عام في إطار تشجيع السياحة الدينية، مثل مسار العائلة المقدسة، ومسار آل البيت، ومسار الخروج".
وأورد أنه "توجد عدد من التفسيرات والدلالات التاريخية المتضاربة بشأن تفاصيل قصة خروج بني إسرائيل من مصر والتي ظلت بدون دليل لعلماء الآثار... بعيدا عن الجانب الديني، لا يوجد حتى الآن آثار تاريخية أو دلائل علمية واضحة لمسار الخروج"، وأشار إلى أن "المثبت حتى الآن هو آخر نقطة في هذا المسار كانت مكان التجلي في سيناء، والذي توجهوا بعده إلى الأرض المقدسة في فلسطين ومن ثم استكمال الطرق".
وأضاف عبد المقصود أنه "وقت احتلال الإسرائيليين لسيناء، أرسلوا العديد من البعثات الاستكشافية من مختلف الجامعات الإسرائيلية لمسح سيناء من أجل البحث عن مسار الخروج، ولم يعثروا على أي دليل... البعثات التي جاءت لمسح سيناء إما كانت تبحث عن مسار خروج بني إسرائيل، أو مكان التيه، وهي المرحلة التي استغرقت 40 سنة، وتركزت تلك الأبحاث في جنوب سيناء".
وأوضح الخبير أن "بعض هذه البعثات توصل إلى أن كل ما يتعلق بمسار الخروج ليس له وجود ولم يحدث في المطلق، أو على الأقل في هذه المنطقة، فيما فسر آخرون أن سبب عدم وجود أي بصمات أو آثار لبني إسرائيل يعود إلى أنهم كانوا مثل الرحالة، يتعمدون عدم ترك أي آثار خلفهم لأنهم كانوا يهربون من فرعون مصر وقتها".
مشروع مسار خروج اليهود من سيناء يثير الجدل في مصر بين العلماء والشيوخ ... والسياسيين 14-29
وأضاف أنه "ما يزيد من صعوبة الأمر هو عدم معرفة إلى أي عصر بالتحديد ينتمي بنو إسرائيل وقت هذه الواقعة".
أكثر المواضيع جدلا في علوم المصريات القديمة
ويعتبر خروج بني إسرائيل، أو اليهود، من مصر من أكثر المواضيع التي يتم البحث فيها في الآثار المصرية القديمة، حيث تم نشر الآلاف من الدراسات والأبحاث حول الموضوع، سواء حول الفرعون الذي كان وقتها أو الطريق الذي سلكه اليهود، دون أن يكون لدى أي منها أي دليل حسي ملموس.
وفقا لبعض المؤرخين، فإن فرعون الخروج كان رمسيس الثاني، لكن بعد العثور على المومياء الخاصة به وفحصها، تبين أنه لم يمت غرقا، فسقطت النظرية. آخرون أشاروا إلى أن فرعون الخروج كان مرنبتاح، مستشهدين بما جاء على "لوحة مرنبتاح" التي تم اكتشافها في 1896. لكن نتيجة التحليل والمقارنات العلمية، تبين أن فترة حكم مرنبتاح لا يمكن أن تغطي كل المرحلة المعنية بخروج اليهود من مصر.


المصدر: مواقع ألكترونية