حرية التفكير والتعبير مكفولة لكل فرد في الدولة الحرة
حرية التفكير والتعبير مكفولة لكل فرد في الدولة الحرة 11053
"إن أسوأ موقف تُوضع فيه الدولة هو ذلك الذي تبعث فيه إلي المنفى بالشرفاء من رعاياها وكأنهم مُجرمون، لا لشيء إلا لأنهم اعتنقوا آراء مخالفة لا يستطيعون إخفاءها، إنها لمصيبة فادحة أن يُعامل بعض الأفراد على أنهم أعداء الدولة ويساقون إلي الموت بلا ذنب ارتكبوه وبلا جُرم اقترفوه، بل لمجرد كونهم يعتزّون بشخصيتهم، بحيث تصبح المقصلة التي يرتعش منها الأشرار، مسرحاً عظيماً تمثل عليه أدوار رائعة من الشجاعة وقوة التحمل، على حين لا يلحق بالسلطة العليا إلا العار؛ ذلك لأن من يعلم براءته لا يخاف الموت كما يخافه المجرمون، ولا يطلب العفو، ومن لا يعذّبه تأنيب الضمير لذنب اقترفه، يقبل الموت في سبيل غاية نبيلة على أنه شرف، لا عقاب، ويصبح عظيماً حقاً لأنه ضحًَى بحياته في سبيل الحرية، فأي مثل يعطيه هؤلاء بموتهم الذي لا يفهم سببه الأغبياء والجبناء، ويحتقره دُعاة الفتنة، ويعظمه الفضلاء؟ إن كل ما يستخلصه الحاضرون من هذا المشهد الأليم هو أن عليهم إما أن يسيروا في خُطى أولئك الشهداء، وإما أن يُصفقوا لجلاديهم .
أما إذا أردنا أن يكون الولاء، لا التهاون والنفاق، هو الجدير بالتقدير، وألا تضعُف السلطة العليا أو تخضع لدُعاة الفتن، فيجب الإعتراف لكل فرد بحريته في الرأي، وحُكم الناس بحيث يعيشون في سلام بالرغم من اختلافهم وتعارضهم في الآراء"
باروخ سبينوزا
من كتاب"رسالة في اللاهوت والسياسة" الفصل العشرون


المصدر : مواقع إلكترونية