بحث كامل عن الأمازيغ تاريخ وحضارة بالصور
ان قبيلة أو شعب الأمازيغ لهم حضارة صحراوية كبرى ويشهد لها التاريخ بذلك، وهم ليسوا (بربر) أي مجتمع همجي كما قيل وكتب عنهم في العصر الروماني، وخاصة ان الروماني قديما كان دائما يحتقر الكثير من الشعوب مثل المصريين والامازيغ في الشرق وبعض مواطني أوروبا قديما كما في الغرب.
ان تاريخ الأمازيغ يشير بكل الوثائق والتاريخ بأنهم الشعب الذي عاش ويعيش في المنطقة الصحراوية من الشمال الأفريقي في المنطقة الممتدة من غرب مصر (واحة سيوة) الى جزر الكناري، ومن جنوب حدود البحر الأبيض المتوسط الى اعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالى، ولهم لغة خاصة قديمة ولم يثبت التاريخ حتى يومنا هذا بان سكن هذه المنطقة منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا غير سلالة او قبيلة الامازيغ.
تاريخ الأمازيغ
يعود التاريخ الفعلي الحضارى الى أكثر من 3 الاف عاما قبل الميلاد حيث وجدت أقدم كتابات امازيغية وبدا معها التاريخ المكتوب حيث انه من الاثبات الحضارى في علم الاثار هو وجود كتابة شارحة دالة على الاثار مهما كان قيمة الأثر او اثاره المنظورة بالعين لان الحضارة او اية حضارة كانت تبدأ منذ وجود عنصر الكتابة ومن هذا المنطلق أكد العلماء المتخصصون في الحضارة الامازيغية بأن الكتابة الامازيغية ظهرت من 3 الاف عام قبل الميلاد.
وهذا يؤكد قدم هذه الحضارة وهي موازية لحضارة وادي النيل والدليل على ذلك أيضا بانه منذ عهد توحيد القطرين والملك مينا نفسه رغب في تامين الحدود الغربية وكما فعل في الحدود الشرقية في سيناء (ترسيم الحدود) وعرف المصري القديم آنذاك واحة سيوة.
ويدل هذا أيضا انه في عصر الدولة القديمة المصرية وخاصة في عصر الاسرة الثالثة في عام 2700 ق. م. قامت هذه القبائل بمهاجمة الدلتا وذكروا باسم (التمحو والتحنو) وكانوا يتخذون من واحة سيوة مركزا لهم ولذلك قام الملك (سنفرو) حسب نصوصه بمهاجمة الواحة والاستيلاء عليها ولم نسمع اية مشاكل عن ذلك على الاطلاق حتى عهد الدولة الوسطى.
وفى هذا الزمن القديم نجد مسمى لواحة سيوة والتي اخذت مسميات متعددة وأقدمها على الاطلاق اسم (ثات) وكذلك باسم (سيخت ام = ارض النخيل) وان سكانها وهم التمحو والتحنو من سكان الصحراء الغربية، وكانت لهم لغة مختلفة عن اللغة المصرية كما كان للنوبيين لغة مختلفة أيضا. ومنذ قتالهم في الدولة القديمة حيث وصولهم الى الدلتا لم نسمع عنهم شيئا كما سبق القول حتى الدولة الوسطى وخاصة في عهد الملك سنوسرت الثاني.
وكان المصريين القدماء يجلبون من هذه الواحة البلح لكثرة أشجار النخيل بها. ولكن في عهد الملك سنوسرت الثاني اعادوا الكرة واغاروا على دلتا مصر مما دفع الملك المصري سنوسرت الثاني بقتالهم ووصل جيشه حتى هذه الواحة مما دفعهم بالهرب الى قلب الصحراء والذهاب عند ذوييهم في واحة جغبوب في المنطقة الليبية وكان ذلك بالتدقيق عام 1790 ق. م.
اما في تاريخ الامازيغ فنجد لهم مسميات مختلفة سواء في تاريخهم او تاريخ المناطق التي يتواجدون فيها مثل (الامازيغ، الليبيين، النوميديون، الجيتوليون، المور) ولم نعرف تسمية لهم باسم البربر سوى في العصر الروماني فقط كتحقير لهم وكما سبق القول.
ومعنى انهم قديما استطاعوا من غزو الدلتا وكما في التاريخ المصري القديم فيدل ذلك بصورة موثقة بأنهم كانوا شعبا منظما ولهم حرفية القتال وتحديهم للملكة المصرية ولكنهم طبعا تم هزيمتهم للفارق الحضارى والعسكري بين مملكة مصر وسلالة الامازيغ.
الأمازيغ وأصل الكلمة كما وردت في الحضارات القديمة
وردت اقدم نقوش عن الامازيغ في الحضارة المصرية القديمة بطبيعة الحال حيث وردت كملة (ما زيغ) والتي اطلقها أيضا الاغريق فيما بعد والتي اتخذوها من المصرين.
الأمازيغ تميزوا في الرسم الفرعونى بالأوشام والريش فوق الرأس
الأمازيغ تميزوا في الرسم الفرعونى بالأوشام والريش فوق الرأس
أما في العصر الإغريقي ظهرت كلمة أخرى باسم (مورس او مورى) والتي جاءت تسمية منطقة (موريتانيا) منها عندما تعرف عليهم الاغريق واسم المنطقة كانت (موروكو) كما أن المؤرخ اليوناني هيرودوت أشار إلى الأمازيغ بالكلمة (مازيس) وقال عنهم هم أنفسهم قبيلة (المشوش) المذكورين في الحضارة المصرية القديمة ويتميزون بالوشم والريش فوق الراس. ثم ظهرت مسميات أخرى وسبق الإشارة اليها كما في العهد الرومانى، ثم جاء التاريخ العربي الإسلامي وكتب عن هذه السلالة وعرفوا باسم (البربر) ماخوذا عن الرومان.
ان تاريخ الامازيغ يشير حضاريا بتواجدهم في مناطق لا شك فيها على الاطلاق حتى الان وهي مناطق مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ومنذ القديم من الزمان. وفى حقيقة الامر لم يهتم العالم قديمة وحديثه بدراسة تاريخ الامازيغ سوى في عام 2001 عندما أصدر العاهل المغربي محمد السادس مرسوما ملكيا بأنشاء (المعهد الملكي الأمازيغي) بتاريخ 17 أكتوبر ومن هنا بدا العلماء في دراسة وتتبع التاريخ الأمازيغي.
اما في التاريخ القديم فلم تكن هناك دراسات جادة حولهم ولا حتى في التاريخ الإغريقي او الرومانى الا من نوادر عن التسمية مثلا وبعض حكايات من الرواة الهواة الزائرين للصحراء وخاصة ان المنطقة الصحراوية لم تستهوي لا الاغريق ولا الرومان على الاطلاق.
ولكن احقاقا للحق فان هناك رجلا واحدا كتب عنهم وبتفاصيل كثيرة لأول مرة في التاريخ وهو المؤرخ والفيلسوف النابغة العظيم (ابن خلدون) رحمة الله عليه رحمة واسعة. فلو رجعنا الى تاريخ ابن خلدون حول الامازيغ فنجده يفرد لهم الصفحات الكثيرة في تاريخه ومما قاله بالنص عن ذلك ((ان الامازيغ الذين يطلق عليهم العرب اسم البربر وكما فعل الرومان قديما ينقسمون الى فرعين رئيسيين وهما البرانس وبتر. وابان الفتح الإسلامي للأندلس او أوروبا فكان ضمن اهل القتال من الامازيغ الكثير والكثير من البرانس وكذلك هم الذين ساعدوا على قيام خلافة الادارسة وهى التي استقبلت ادريس الأول وبايعته وكان ملكا على الادارسة ولذلك هم يتكلمون العربية تماما ولا يعرفون لغة غيرها، فالبرانس جميعا يتكلمون اللغة العربية. اما عن البتر فهم يتكلمون اللغة الامازيغية وهى تتفرع إلى تنوعات تختلف قليلا من منطقة إلى أخرى)).
وبرجوعنا الى ما بعد انشاء المعهد الملكي في مملكة المغرب نجد علماء كثر وبطبيعة الحال وكما المعتاد اغلبيتهم من الأجانب نجدهم يصدقون على الكثير والكثير مما كتبه ابن خلدون وخاصة في موضوع اللغة الامازيغية، وتنوع هذه اللغة او اللهجة كان عائقا كبيرا امام تطورها التاريخي وحتى الان وكما شرع المعهد الملكي في ذلك.
ولكن مما يجدر ذكره هو ان التنوعات (اللهجات) الامازيغية متحدة فيما بينها بشكل كامل في ما يخص قواعد اللغة والصرف والنحو والاشتقاق. وتنحصر الاختلافات في المعجم (حيث تستعمل مترادفات لها نفس المعنى) وبعض الاختلافات الطفيفة في التنغيم والنطق ومن المعروف ان عدم تعليم اللغة الامازيغية في المدرسة والجامعة هو الذي يعقد المسالة. ويمكن لأي امازيغي من الجزائر مثلا ان يتقن التحدث بأمازيغية شمال المغرب في بضعة اسابيع بسهولة لأنه ليس بصدد تعلم لغة جديدة بل بصدد اغناء لغته الامازيغية بمفردات مترادفة جديدة! ولهذا تطالب الحركات الثقافية الامازيغية بتدريس اللغة الامازيغية على جميع المستويات وإدماجها في الادارة والاعلام والقضاء.
واخر الإصدارات التي تناولت هذا الموضوع منذ عدة سنوات مضت وجد ان اللغة الامازيغية بتنوعاتها المختلفة تنحصر في ثلاثة تنوعات مثل (ثاريفيت، تاشلحيت، تاقبايليت) في عشرة من البلدان الافريقية أهمها:
المغرب: حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 39% من السكان البالغ مجموعهم 4 3 مليون نسمة.
الجزائر: حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 35% من السكان البالغ 4é مليون نسمة.
ليبيا: حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 10% من السكان البالغ مجموعهم 6 مليون نسمة.
ثم اقل من ذلك في بلاد أخرى بالترتيب مثل: تونس، مالى، موريتانيا، النيجر، بوركينا فاسو ومصر كأقل نسبة على الاطلاق.
اما في المنطقة الأوروبية وخاصة في أوروبا الغربية بطبيعة الحال فتوجد جالية أمازيغية مغاربية كبيرة لا يقل تعدادها عن المليونين نسمة وتتميز هذه الجالية بارتباطها القوي بوطنها ثامازغا (شمال أفريقيا) وبتمسكها بهويتها الأمازيغية.
نشأة حضارة الأمازيغ منذ 3 آلاف عاما قبل الميلاد
ان الحديث عن نشأة الحضارة الامازيغية وكيفية بدأها من الأمور العسيرة التي يمكن التوصل لها الان بعد كل تلك الالاف من السنين وخاصة انها منطقة صحراوية قاتلة وقاحلة أحيانا ولكن البصمة التاريخية الموثقة والاثرية نتناولها في عدد من النقاط الحضارية الهامة متمثلة في العديد من النقاط الهامة مثل:
اللغة والكتابة
لقد تحدثنا عن هذه النقطة بإيجاز شديد في السطور السابقة وتنوعها او لهجاتها الثلاثة التي كانت تستخدم منذ القديم من الزمان وحتى وقتنا المعاصر. وكانت لهذه اللغة خطا يكتب بها عرف باسم خط (التيفيناغ) وهي من أقدم الخطوط التي عرفتها البشرية قديما وقد نجح المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في معيرته، وهو الخط الذي تبناه النظام التعليمي في المغرب لتلقين الأمازيغية. تجدر الأشارة ألي أن كتابة التيفيناغ بقيت مستعملة بدون انقطاع من طرف الطوارق في حين كتب الأمازيغ بكتابات أجنبية غير أمازيغية. ⵉⵎⴰⵣⵉⵖⵏ / ⴰⵎⴰⵣⵉⵖ بعد خضوعهم للأجانب وتأثرهم بهم (شكل الكتابة الامازيغية
التقويم
ان الامازيغ لهم تقويم موثق الان ويعتبر أيضا من أقدم التقويمات منذ القديم من الزمان ويحتفل العديد من الامازيغ وبعض القبائل المعربة برأس السنة الأمازيغية التي توافق اليوم 12 من السنة الميلادية ويستعمل الأمازيغ الأسماء الجريجورية مع بعض التحريف غير أن الأمازيغ نسجوا حول تلك الأسماء قصصا ميثولوجيه وجعلوا منها جزءا من ثقافتهم.
ويعتقد بعض العامة من الأمازيغ أن السنة الأمازيغية تبتدئ بعد تمكن زعيمهم (شيشنق) من هزم جيوش الفرعون الذي أراد أن يحتل بلدهم، وحسب الأسطورة فأن المعركة قد تمت بالجزائر بمدينة تلمسان. أما من الناحية التاريخية فأن المؤرخين يعتقدون بأن شيشنق الذي أسس الأسرة المصرية الثانية والعشرين لم يصل إلى الحكم عن طريق الحرب بل من خلال ترقيته في مناصب الدولة المصرية الفرعونية ذلك لأن المصريين القدماء قد اعتمدوا على الأمازيغ بشكل كبير في جيش دولتهم خاصة منذ عهد الأسرة العشرين.
ومن الأمور الهامة في الحضارة المصرية وكما في النصوص الموثقة المكتوبة فان أصل الملك شيشانق يعود الى أصول قبيلة المشوش وهذه القبيلة هي على الأرجح من تونس الحالية ويمكن ملاحظة بعض التشابه الثقافي بين أمازيغ الجزائر والمشوش.
ويعتقد بعض المؤرخون اخرين أن التفسير الأمازيغي العامي ليس تاريخيا علميا، فبعض الباحثين يعتقدون أن التقويم الأمازيغي قد يعود ألي آلاف السنين حتى أنه قد يكون أقدم من التقويم الفرعوني!!!.
عقيدة الأمازيغ القديمة
تختلف العادات الامازيغية من منطقة او حقبة زمنية الى أخرى وهم أيضا مما لا شك فيه كغيرهم من الشعوب القديمة عبدوا العديد من الالهة ونجد من الهتهم على سبيل المثال (تانيث وآمون وأطلس وعنتي وبو صيدون) ومن خلال دراسة هذه المعبودات وتتبع انتشارها في الحضارات البحر الأبيض المتوسطية يمكن نلمس مدى التأثير الثقافي الذي مارسته الثقافة الأمازيغية في الحضارات المتوسطية ويمكن اعتبار آمون وتانيت نموذجين لهذا التأثير الحضارى.
وجد إله أمازيغي له اسم مشابه ويتشابه مع آمون في بعض صفاته هو (حمون) وتشكل سيوة نقطة استناد رئيسية لنظرية تقترح وجود علاقة ما بينهما. كما توجد دراسات توضح أن علاقة ما قد توجد بينهما بافتراض أن اسمه مشتق من كلمة أمازيغية (التي تمت بصلة قرابة للمصرية في نفس العائلة اللغوية تعني (ماء) وإن كان هذا غير مؤكد في ضوء المعارف الحالية كما يعتقد النوبيون مثلا أنه أصلا من منطقة جبل بركل (حاليا في شمال السودان)
ومن المحتمل أنه كانت توجد آلهة محلية لدى هذه الشعوب تشبه في صفاتها آمون مما سهل تقبلها له فدمجت بينه وبين آلهتها المحلية كما تشرب هو صفاتها لديهم ومن المحتمل أيضا أنه وجدت لآمون أصول مغرقة في القدم (ربما تعود إلى ما قبل التاريخ) لدى الشعوب الأفريقية القديمة التي تشكل أصول كل هذه الشعوب من نوبيين وأمازيغ وباقي سكان وادي النيل.
وهذا هو نفسه ما حدث أيضا فيما بعد وخاصة في العصر الإغريقي في مصر عندما قام الاغريق بربط الاله امون ملك الالهة بالإله الإغريقي زيوس كما ارتبط أيضا الاله خنوم بزيوس ربما بسبب شبهه بآمون، وبما أن نوع الكبش المميز له انقرض مبكرا أصبح خنوم أيضا يرتبط بكبش آمون.
ففي الأصل الحضارى الإغريقي والروماني نجد ان كلاهما أعجبوا بالإله امون الامازيغى كما أشاروا هم الى ذلك فقام الاغريق وربطه بكبير الهتهم زيوس وكذلك الرومان بكبير الهتهم جوبتير، وكان ذلك تمازجا بين الهتهم وبين امون المصري او امون الامازيغى وهو نفسه الاله حمون وكما في النصوص الامازيغية القديمة.
ملحوظة هامة جدا: ان موضوع النماذج هذا كان بحثا دقيقا قام به الأستاذ (جابريل كامبس) وهو فرنسي الأصل من مواليد الجزائر في عام 1927 وتوفى ودفن في فرسنا عام 2002، أي بعد عام واحد من تأسيس المعهد الامازيغى في مملكة المغرب. وهو يعتبر من أوائل الباحثين الآثاريين في التاريخ الامازيغى القديم وأول من يعمل مقارنة دينية بين امون المصري وامون الامازيغى. وكان أيضا اول من ينادى بتأسيس المعهد الأمازيغي والذي أقيم بمملكة المغرب وكما كتبنا من قبل.
ولقد حاول كثيرا معرفة أصول وجذور سلالة الأمازيغ منذ الحفريات الأولى وخاصة ان الاب الروحي والفعلي للأمازيغ كان يدعى (ما زيغ) والذي احتار في أصله وفصله ومثله مثل أي باحث اثارى أجنبي لا يرغب حتى بالاعتراف مما قاله القدماء من العرب عن الامازيغ، وهذه هي مشكلتنا نحن الباحثين في جذورنا واصلنا ودائما الأجنبي هو الاصدق حتى وان لم يصل الى صدق الحديث بعد.
لطبري: ذكر الطبري في تاريخه ان الأمازيغ من ذرية ما زيغ وبر أبناء يقشان ابن إبراهيم عليه السلام.
الإلهه تانيث
تانيث هي ربة الخصوبة وحامية مدينة قرطاج وهي ربة أمازيغية الأصل عبدها الفينيقيون كأعظم ربات قرطاج وجعلوها رفيقة لكبير ألههم بعل. كما عبدها المصريون القدماء كأحد أعظم رباتهم وقد عرفت عندهم باسم نيت، ويؤكد أصلها الأمازيغي (الليبي) ما أشار إليه الأستاذ (مصطفى بأزمة) من أن معظم مؤرخي مصر الفرعونية أشاروا إلى أنها معبودة أمازيغية استقرت في غرب الدلتا. ثم عبدت من طرف الإغريق حيث عرفت باسم آتينا بحيث أشار كل من هيرودوت وأفلاطون أنها نفسها نيت الليبية، وقد سميت أعظم مدينة إغريقية إلى هذه الربة الأمازيغية أثينا.
الالهة تانيث
أما تأثير هذه الربة في بلاد الأمازيغ يتجلى في ما يعتقده البعض من أن تونس قد سميت نسبة إلى هذه الربة تانيث، بحيث أن الاسم القديم لتونس كان هو تانيس مما جعلهم يعتقدون أن الاسم مجرد تحريف للثاء إلى السين. ويرجح المؤرخون أن هذه الربة قد عبدت في تونس الحالية حول بحيرة (تريتونيس) حيث ولدت وحيث مارس الأمازيغ طقوسا عسكرية أنثوية تمجيدا لهذه الربة الى جانب هذه الآلهة عبد الأمازيغ أيضا الشمس وهو ما ذكره هيرودوت وابن خلدون كما مارسوا العبادة الروحية التي تقوم على تمجيد الأجداد كما أشار إلى ذلك هيرودوت.
من خلال نقوشات موجودة في شمال أفريقيا يتبين أن اليهود قد عاشوا في تسامح مع القبائل الأمازيغية. ويرجح أن اليهود نزحوا أول الأمر مع الفينيقيين إلى شمال إفريقيا ويذكر ابن خلدون أن قبائل عديدة من الأمازيغ كانت تدين باليهودية قبل الفتح الإسلامي وبعضها بقي على هذا الدين بعد الفتح.
آمن الأمازيغ أيضا بالديانة المسيحية ودافعوا عنها في محنتها من أمثال توتيلينونس وأرنوبيوس، كما برز أوغسطين كأحد أعظم آباء الكنيسة. وآمن الأمازيغ أيضا بالديانة الاسلامية وجاهدوا في نشرها حتى أن أول المسلمين الذين فتحوا الأندلس كانوا في معظمهم أمازيغ بقيادة الشاب الأمازيغي طارق ابن زياد.
الشمس والقمر
ان الشمس والقمر في العقيدة الامازيغية كانت تلعب ادوارا عقائدية مثلها مثل الحضارات القديمة أيضا وخاصة الحضارة المصرية أقرب المناطق الحضارية الى الامازيغ سكنا (واحة سيوة) وفكرا دينيا.
يعرف القمر في اللغة الامازيغية باسم (تزيري) وهو نفس المسمى في لغة اهل سيوة الأصليين حتى يومنا هذا وكذلك الهلال ويعرف أيضا باسم (ايور) هو نفسه إله القمر لدى الامازيغ وكما قال الآثاري المتخصص كامبس. ويقال بان الامازيغ عبدوا القمر او كانت لهم طقوس دينية للقمر. ولقد أكد ذلك أيضا المؤرخ العظيم ابن خلدون وكذلك المؤرخ اليوناني هيرودوت حيث قالوا بان عبادة القمر من العبادات المتوغلة في القدم وكان الامازيغ يقدمون القرابين لكل من الشمس والقمر.
ومما أكده العالم كامبس بان الامازيغ كانوا يقومون بقطع أذن الضحية ويلقونها على منازلهم ثم يقتلونها بلى عنقها ثم يتقربون بها الى الشمس والقمر وكان يجرى هذا الطقس للشمس والقمر فقط وليس لأي إله اخر وهي طقوس معروفة عند كل الليبيين.
اما في القرن الأول قبل الميلاد فقد أشار الرومي المؤرخ سيسرون الى تقديس الملك النوميدى (ماسينيسا) للشمس. وانه عندما زاره الرومي (سيبيو افريكانوس) قام الملك ماسينيسا وعانقه بشدة وبعيون دامعة نظر الى السماء قائلا (أشكرك أيتها الشمس العظيمة كما أشكرك أيتها الكائنات السماوية لاستقبالي سيبيو في حياتي ومملكتي وقصري)
والى جانب هذه الراوية التاريخية وغيرها من الروايات تم العثور على نقوش باللغة اللاتينية تحمل معنى (الشمس العظيمة) وهذه النقوش عثر عليها بالمصادفة في سوق احراس بالجزائر منذ سنوات عديدة ماضية.
كان الأمازيغ يعبدون القمر سواء في طور اكتماله كبدر أم في مرحلته الهلالية، وعبادة القمر الهلال هي ما كانت متجسدة في عبادة الإله آمون الممثل بقرني الكبش وإلى جانب الشمس والقمر عبد الأمازيغ الكهوف والجبال والوديان والحجارة.
ويعتقد الآثاري المتخصص في حضارة الامازيغ (ثور هايردال) ان الاشكال الهرمية التي شيدت في جزر الكناري قد شيدت تعظيما للشمس ويعتقد بان هذه العبادة قد نقلها الامازيغ الى جزر الكناري عبر البحر المتوسط ومنها الى القارة الامريكية
الغوانش في جزر الكنارى هل هم أيضا من أصل الامازيغ: عند الغوانش إلهًا يسمى (أشمان) وكانوا يقدمون له الأضحية والخمور تقربا إليه وكان تجسيده يشبه الشمس. وفي لاس بالماس أحد جزر الكناري عبد الغوانش إلها شمسيا وكانوا يسمونه (ماجك) و(آمن) وهو اسم قد يعنى(الرب) وفي إحدى لهجات الطوارق تشير كلمة (امناي) إلى اسم الله.
الغوانش هم السكان الأصليين لجزر الكناري ينحدرون من سوس ودرعة هاجروا إلى الأرخبيل بين 1000 ق. م. و100 ق. م. وهم ينحدرون من أصول أمازيغية. ويمكن اعتبار الغوانش كمجموعة متمايزة بأنهم شعب منقرض. وقد وجدهم الأوروبيون الذين استعمروا الجزر في العصور الوسطى (الاسبان) يعيشون حياة بدائية مثل حياة العصور الحجرية الحديثة. واليوم، تكاد ثقافتهم تكون قد اختفت ولكن يمكن ملاحظة بعض آثارها مثل لغة التصفير السيلبو التي يتحدثها سكان جزيرة لا غوميرا.
الموت والدفنات
كان الأمازيغ يدفنون أنفسهم في شكل جانبي وبشكل مثني وفي أحيان أخرى في شكل جانبي. وكانوا يصبغون جثث موتاهم بالطين الأحمر أو الأوكر وكانت هذه العادة قفصيه أكثر مما كانت ايبيروا مورسية، وكلاهما يعتبران أسلافا للأمازيغ. كشفت بعض المقابر ما قبل التاريخ أنه كانت توضع بعض الأدوات مع الميت كالأسلحة والحلي وقشور بيض النعام ربما ليستخدمها في العالم الآخر.
خلافا لأمازيغ الشمال الأفريقي، قام الغوانش وهم سكان جزر الكناري الأصليين بتحنيط جثث موتاهم فكان البعض منها يجفف ويلف بجلد الماعز. أما في شمال أفريقيا فقد عثر الآثاري الإيطالي (فاريزيو موري) في عام 1958 على مومياء ليبية قديمة ويقول بانها أقدم تاريخيا من المومياوات المصرية القديمة!!!.
وكان الامازيغ يقدسون الموتى وتعتبر من اهم مميزات الامازيغ في العصور القديمة. وبالفعل فهي ظاهرة قديمة في شمال أفريقيا غرب مصر، حيث كتب عنها(بومبينوس) أنه في (أوجلة) تعتبر أرواح الأسلاف بمثابة آلهة إذ أنهم يقسمون بها ويستشيرونها في أمورهم ثم ينامون ليتلقوا الإجابات في شكل أحلام.
ولم يغفل هذا الامر أيضا المؤرخ الإغريقي هيرودوت الذي يرجع اليه الفضل بأمداد الكتب التاريخية بأخبار ليبيا قديما حيث يروى عن قبيلة تسمى (الناسمون) ما يلي ((يقسمون برجال منهم عرف عنهم الورع والشجاعة في حياتهم بعدما يضعون أيديهم على قبورهم. وهم يتعبدون بزيارة قبور خاصة بأسلافهم ويستلقون فوقها بعد الصلاة ويتقبلون كل ما سيرونه في منامهم)).
إلى يومنا هذا لايزال الامازيغ يقدسون قبور الأولياء في شمال أفريقيا خاصة في المغرب البلد الذي يسمى أحيانا ببلد ألف ضريح وضريح بحيث أنه لا تكاد تخلو أي قرية من ضريح يقدسه سكانها حتى بعض المدن سميت نسبة إليها كالمدن التي تبدأ باسم (سيدي. . .) ويعرف الولي أو القديس عند الأمازيغ في أيامنا باسم (أمرابض) وهو اسم يعود إلى الكلمة العربية (مرابط) لارتباط المتصوفة غالباً بالجهاد ورباطهم في الصفوف الأمامية المعروفة باسم (الرباط) وقد حور الغربيون هذا الاسم في لغاتهم إلى مرابوط.
الفن المعمارى فى حضارة الأمازيغ
ان الفن المعماري في حضارة الامازيغ أكده علمائهم الباحثين في الامر وخاصة في بناء الاهرامات مثلا ولقد وجد أيضا في اللغة الامازيغية كلمات متشابهة في هذا الامر ومنها كلمة الهرم نفسه (اغرم = هرم) في ذلك قال احد الباحثين الجادين في الحضارة الامازيغية مقولته الشهيرة منذ عدة سنوات ماضية ((فإن كان لدى المصريون أجمل أهرامات وأعقدها فإن لدى الأمازيغ أقدمها على الإطلاق، الفرق بينهما أن نظام بنائها لدى الفراعنة غير مفهوم وصعب التفسير حيث أنهم بنوا الأهرامات الثلاثة المعروفة أولا لكن الأهرامات التي بنيت فيما بعد كانت حقيرة ومبنية بالطين على عكس الأولى التي بنيت بالحجارة الضخمة يعني وكأن الفراعنة نسوا كيف بنوا الأهرامات الأولى.
أما لدى الأمازيغ فيلاحظ أنهم طوروها مع الزمن حيث بنوا المتراكمة يتراوح طولها بين بضعة أمتار و300 متر وتتخللها ممرات وحجرات لكن علوها لا يتجاوز بضعة أمتار)). وتوجد في (تين كاويا) غرب واحة غاط بمنطقة آجر غربي الفزان في ليبيا، وتوجد في قرية (تيط) في وسط الصحراء الجزائرية وكذلك في مكان (تين غرزور)
البازينات أو المقابر
البازينات هي عبارة عن مقابر يعلوها هرم صغير مربع القاعدة مبني بحجارة متراصة لا ملاط معها وتوجد بكثرة في منطقة (الفزان) بالجهة الجنوبية الغربية الليبية وفي منطقة الشلف الأعلى بالدزاير وهي أقدم من الأهرامات المصرية.
وكذلك بنوا ما يعرف باسم الضريح او الضرائح لشيوخهم وهي ضرائح مخروطية الشكل ويوجد منهما اثنين سالمي البناء أولهما على بعد 100 كيلومتر من الجزائر العاصمة.
وبنيت كذلك ما يعرف باسم الضريح النوميدى في الماكن المسمى (ميدراسن) قرب جبال الاوراس. كما يوجد بقايا لهذه الاضرحة في المروك داخل المثلث الذي ترسمه النقاط الثلاثة (فاس والحاجب ومكناس) هذه البنايات الثلاثة بناها ملوك أمازيغيون: نوميديون وموريتانيون شيدوها في عصور تاريخية تتراوح بين القرنين الخامس والأول قبل الميلاد وتتميز بتشابهها مع الأهرامات المصرية في تخطيطاتها الأساسية العامة.
عمارة الأمازيغ
ان الامازيغ من الناحية الحضارية كان لهم أسلوب وفن خاص معماري مثلهم مثل الحضارات القديمة. وفى هذا الشأن المتخصص تم لأول مرة صدور كتاب عالمى باسم (الفنون والعمارة الامازيغية بالمغرب) وصدر عن طريق المعهد الامازيغى بمملكة المغرب في عام 2004 وموثق من اليونيسكو كذلك. وهذا الكتاب قام على اعداده الكثير من الباحثين الأجانب والمتخصصين المغاربة، ومنهم الأستاذ المغربي (احمد بوكوس). وهذا الكتاب يفتح نوافذ انثروبولجية وفنية على التراث الامازيغى ويحكى قصة ابداع بشرى جماعي يدافع عن حضوره باستماته امام العالم.
وهذا الكتاب صدر في 275 صفحة من المقاس الكبير بالصور الموثقة ونصوص توضح جماليات التراث الامازيغى من ناحية المعمار والصناعات مثل الخزف والخشب وغير ذلك. وفى هذا الكتاب أيضا القى الضوء الكبير على الجمال القروي والبيئة والاستخدام النفعي للإنسان الأمازيغي منذ القديم من الزمان حتى وقتنا المعاصر.
ولقد أوضح في هذا الكتاب أيضا النقوش الصخرية التي تكشف تحركات الجماعات البشرية في المغرب القديم، وجوانب من الاشغالات اليومية والميتافيزيقية للإنسان إلى التصاميم المختلفة للمجوهرات أشكالها، تقنيات تنميقها دلالاتها الاجتماعية الفئوية مرورا بأسرار صناعات الزرابي في البيوت الأمازيغية، زخرفتها واستخداماتها وصولا إلى عبقرية النقش على الخشب ووظائفه في تأثيث البيت وتوفير مستلزمات الحياة اليومية فضلا عن أبعاده الفنية الإبداعية.
الديانة المصرية الأمازيغية
ان هذا المصطلح يعتبر حديث نسبيا حيث لم يشير اليه أحدا على الاطلاق سواء في القديم او الحديث الا بعد ظهور الحضارة الامازيغية في عصرنا هذا وبعد تأسيس المعهد الامازيغى بمملكة المغرب. وهنا نتسائل جميعا هل هناك فعلا ديانة مصرية أمازيغية كما يدعى علماء حضارة الامازيغ؟؟؟
ونتناول الان اقوالهم حول ذلك في عدة سطور مبسطة مثل:
المصريون القدماء هم أقدم جيران الأمازيغ وهم أقربهم عقائديا إليها. تضرب جذور العلاقات المصرية الأمازيغية في أعماق التاريخ، وقد أشارت أقدم كتابة مصرية إلى إحدى قبائل البربر القديمة وهي التحنو. أكثر من ذلك يميل بعض المؤرخين إلى جعل أصل صحراوي قبل تاريخي مشترك بينهما ومن ثم كان تشابك المعتقدات المصرية والأمازيغية في حالات مختلفة.
يعد كل من الإلهين إيزيس وأوز يريس أبرز الآلهة المصرية القديمة التي اكتسحت معتقدات الأمازيغ الشرقيين، وهو ما سجله هيرودوت قائلا ((على الرغم من أن هذه القبائل الليبية لا تعرف طعم لحم البقر فإنها تمتنع عن أكله كالمصريين للسبب نفسه، وكلاهما لا يربون الخنازير. حتى في قورينا تعتقد النساء انه من الإثم أكل لحم البقر وهم بذلك يعظمون الربة المصرية إيزيس حيث أن كلا من الشعبين يتقربان إليها بالصيام والاحتفالات. أما النساء البرقيات فهن لا تمتنعن عن أكل لحوم البقر فقط وإنما تمتنعن أيضا عن أكل لحوم الخنازير. يبدو أن هذه القبائل قد امتنعت عن أكل لحوم الخنزير لأنه كان حيوان ست المقدس، فيما امتنعوا عن أكل لحوم البقر لكون البقرة حيوان أيزيس المقدس))
يقول المؤرخ الليبي (محمد مصطفى بأزمة) حسب ما كتبه في بحثه حول ذلك ((كان أوز يريس من ضمن الآلهة المصرية التي عبدها الأمازيغ كما أن مكانا على الأقل ذكره هيرودوت كان يحمل اسم إيزيس))
يقول الآثاري بيدج المتخصص في حضارة الامازيغ في بحثه او كتابه (الامازيغ 30 قرنا من الديانات) ومعه قلة من المتخصصين في هذا الامر ((أن أوز يريس كان معبودا من أصل ليبي، وأن كل النصوص التي أشارت أليه خلال كل الفترات كانت تصب في اتجاه كونه إلها أصيلا في شرق شمال أفريقيا وأن موطنه الأصلي قد يكون ليبيا))
https://www.civgrds.com/archaeology/21/amazigh-history-and-civilization/