الأمازيغ وإشكالية الأصل
لطالما تساءل البعض عن معنى كلمة أمازيغ أو من هو الشعب البربري، ومن أين أتى وما علاقتهم بالعرب. لذلك وجوابا على تساءلات الجميع أود طرح هذا الموضوع لنستفيد جميعا. أولا الأمازيغ أو البربر مصطلحان يستعملان في الغالب للدلالة على السكان الأصليين الذين قطنوا شمال أفريقيا.
وقد وردت كلمة «أمازيغ» في نقوش المصريين القدماء وعند كتاب اليونان والرومان وغيرهم من الشعوب القديمة التي عاصرت الأمازيغيين. والأمازيغ مصطلح يعني الرجال الأحرار لا يتحملون الخضوع لسلطان ولا يرضخون إلا للقوة، وتعني صيغة الفعل منه غزا أو أغار.
ومن المعاصرين الذين تعرّضوا لهذا الإسم «أمازيغ» المؤرّخ "شارل أندري جوليان" الذي قال: وقد أطلق الإسم على قبائل عديدة قبيل الاحتلال الروماني. ويضيف عالم البربريات "رسل": والجدير بالملاحظة أننا نعرف من المكتشفات الحديثة أن اللوبيين كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "أمازيغ" المعروف عند اللاتينيين بـ "Mazyes"، فاسم "أمازيغ" اسم حقيقي كان شائعاً في العهدين الفينيقي والروماني . (محمد المختار الغرباوي، في مواجهة النزعة البربريّة وأخطارها الانقساميّة، دراسة ـ من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2005).
البربر مصطلح مشتق من الكلمة اليونانية "باربوروس Barbarus" وتعني حرفياً "الأجنبي" أطلقها اليونانيون أولاً على جميع الأجانب، بمن فيهم الرومان ومن هنا سموا إيطاليا، برباريا. وقد اتخذت اللفظة في العهد الإغريقي معنى ازدرائياً مقترناً بالطبيعة الهمجية التي نسبها الإغريق إلى أعدائهم. ومن ثم أطلقت على من لا يجيد اللغة اليونانية، أو على جميع الشعوب غير الواقعة تحت النفوذ أو التأثير الإغريقي. واستعاره الرومان واطلقوه على كل الأجانب ومنهم الأمازيغ الذين كانوا خارجين تاريخيا عن سيادة الرومان. فهي تسمية جاءت من الخارج ولم يخترها الأمازيغ لأنفسهم. وهذا ما يدل على أن الرومان لم تكن لهم سلطة واقعية أو فعلية على قبائل البربر، لان البربر لم يتقبلوا سلطان الرومان، وكانت هنالك ثورات ضدهم، لعل أشهرها ثورة تاكفارينس Tacfarinac التي ظلت مستعرة 13 عاماً، ومن ثم قبض الرومان عليه وأعدموه ودفنوه في لبدة.
وشاع إطلاق لفظ «البربر» على ألسنة الناس فهي الأكثر شيوعاً واستعمالاً من لفظ أمازيغ في الدوائر الأكاديمية ودور العلم، علماً بأن كلاهما سيان من حيث الاستدلال بعيداً عن سوء الظن أو الفهم وما شاكل ذلك من حساسيات.. وإن كان عدد من مثقفي الأمازيغ لا يتبنى هذه التسمية ويرى فيها سلبيات عهود ظلم قديم لحق الأمازيغي عبر التاريخ واستمر باستمرار تداولها إلى اليوم كنوع من العنصرية المبطنة المعاصرة إتجاهه.
وتبرز في مجال البحث حول الأصول التاريخية والعرقية للأمازيغ اتجاهات عديدة وتتمثل فيما يلي:
1- الأصل الأوربي:
أولها أولئك الذين تأثروا باتجاهات المدارس الغربية، فإذا بحثنا في الكتب الأوربية سنجد أنهم ينسبون البربر إليهم ويرون أن أصل الأمازيغ إنما يتأصل في أوروبا، إذ ثمة معطيات لغوية وبشرية تشير إلى أن الإنسان الأمازيغي له صلة بالجنس الوندالي الجرماني(Vandale) المنحدر من ألمانيا حاليا حيث لم يكونوا يستقرون في مكان معين بل كانوا دائمي الترحال، وسبق لهم أن استعمروا شمال إفريقيا واستقروا بها. وقد اقتطعوا أجزاء من الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي وأسسوا لهم دولة في شمال أفريقيا مركزها مدينة قرطاج وضموا إليها جزيرة صقلية والعديد من جزر البحر المتوسط. يعتقد أن إسم الأندلس مشتق من إسم هذه القبيلة (في الأصل سميت المنطقة «فاندالوسيا» ومع الأيام حُرّف إلى أندوليسيا ثم حولها العرب لـ«الأندلس») حيث سكنوا جنوب إيبيريا لمدة من الزمن ثم انتقلوا بعدها لأفريقيا ليحتلوا طنجة إلى طبرية – (برقة) – في تونس، وأسسوا أول الممالك الجرمانية فى أفريقيا. في سنة 455 اقتحم الوندال مدينة روما وعاثوا فيها فسادا وخربوها تخريبا عظيما ولا سيما في الآثار الفنية والأدبية. http://ar.wikipedia.org/wiki ) /وندال(
ولما كان الوندال يعتبروا أكثر القبائل همجية وعنفا انتقل إسم الوندال Vandaleليصبح مرادفا لكلمة البربرية والهمجية في المعاجم الأوربية فرنسية كانت أو إنجليزية. (http://historymemo.wordpress.com).
وقد دعمت هذه الأطروحة بالتشابه الحاصل بين اللهجات البربرية واللغات الجرمانية إذ هناك تماثلات لغوية بين الأمازيغية ولغة الوندال الجرمانية من جهة حيث نجد العديد من الكلمات في اللغة الجرمانية القديمة وحتى الألمانية الحديثة مشابهة لكلمات في اللغة الأمازيغية لازال الأمازيغ ينطقون بها لحد الآن، زيادة على أن مخارج الأصوات أو الحروف الأكثر استعمالا في اللغة الألمانية حرفي (ش) و(خ) خاصة في آخر الكلمات وهو ما نجده أيضا في اللغة الأمازيغية بشكل ملفت إذ لا نكاد نسمع في أصوات الأمازيغ إلا حرفي الشين والخاء، فمعظم الكلمات في اللغة الأمازيغية لا تخلو من هاذين الحرفين خاصة أمازيغية شمال المغرب، كما أن حروف اللغة الجرمانية القديمة مشابهة لحروف اللغة الأمازيغية تيفيناخ. ويستند هذا الطرح أيضا إلى التشابه الذي يوجد بين بعض ملامح البربر والأوروبيين مثل لون العيون والشعر من جهة أخرى. ومن يعرف المغاربة سيعرف أنهم يشبهون اللهجة الريفية باللغة الهولندية أو الألمانية.
ويذهب البعض إلى أن البربر ينتسبون إلى "يافت" بن نوح عليه السلام (الذي من سلالته انبثقت شعوب أوروبا) خرجوا من الهند إلى فارس، إلى القوقاز، فالشمال الأوربي بفيلاندا واسكندينافيا، ثم فرنسا وإسبانيا قبل أن يستقروا بشمال إفريقيا. ومن هنا يفسر التشابه في النطق وبياض بشرة القوقازي وزعورة الشعر المتصف بها الشماليون والتي نجدها عند العديد من أبناء البربر. ويستدلون على ذلك بالمعالم الميغالينية أو معالم الحجارة الكبرى من المصاطب (الدولمين) والمسلات (المنهيد) والمستديرات (الخرومليكس) التي بثوها على طول هذه الطريق، وهي توجد بشمال أفريقيا وتنتهي بالمفيضة. كما يستدلون بتشابه أسماء قبائل الكيماريين بفينلاندا والسويد وبني عمارة في المغرب وخميس بتونس فالأسماء متشابهة جدا؛ أو بالحرف الروني المنقوش على المعالم الميغالينية فإنه يشبه الخط اللوبي المنقوش على الصخور بشمال أفريقيا.
وذهب البعض إلى أنهم من نسل الغاليين (gaulois) أو الجرمان الذين أتوا مع الفيالق الرومانية أو الوندال، وهو أمر لا يمكن التسليم به لكون هذا النمط من البربر عاش في تلك المناطق قبل الوجود الروماني.
ويرتكز آخرون على الرأي القائل بوجود صلة بين الباسكيين (هم شعب يسكن شمال إسبانيا وجنوب فرنسا) والبربر على طروحات معجمية متشابهة، وأول من نحى هذا المنحى هو الفرنسي (L. de Gèzeen ) سنة 1885، ثم تبعه الألماني (G. Von der Gabelenz) سنة 1894 بعد أن أصدر كتابا بعنوان "البسكية والبربرية.". وقد تعزز هذا الطرح بمقالات كتبها سنة 1964 (HANS G. Mukarovsky) مفادها أن لغة سبقت لغة البربر سماها اللغة الموريتانية انتقلت من الصحراء، حيث كان يعيش البربر الطوارق، إلى بلاد الباسك. بقايا هذه اللغة هو ما يشكل الموروث اللغوي المشترك بين الباسك والبربر، إضافة إلى تشابه كبير بين نظام الكتابة البسكية ونظام الكتابة الليبية القديمة. ولم يتوقف الإفتراض عند هذا الحد، بل ومنذ سنة 1995 وفيما يخص الصفات الوراثية، اعتمدت الأبحات التي يقوم بها العالم "Antonio Arnaiz" في إسبانيا على إبراز رصيد جيني مشترك بين البربر بمنطقة القبايل الجزائرية والباسكيين، وقد طرحت نتائج أبحاثه في مؤتمر حول الجينات البشرية في برشلونة {9، 10 نوفمبر 1995}. (للمزيد من المعلومات اطلع على ما كتبه الدكتور M. A. Haddadou).
ومن ناحية أخرى لا يمكن التسليم داخل نفس الأسرة العرقية بذلك للاختلافات الحاصلة من باب التمثيل فقط بين أمازيغ إقليمي القبائل وجبال الأوراس، من قامتهم متوسطة أو قصيرة وبينهم عدد كبير من الشقر، وبين أهل "مزاب" مثلا ذوي الشعر والعيون السود، أو بينهم وبين الطوارق.
2- الأصل المحلي:
ويميل اتجاه آخر إلى بناء وجهة نظره على بعض الكشوفات الأركيولوجية والأنثربولوجية، حيث أنه تم العثور على أول إنسان في التاريخ في بعض مناطق أفريقيا (مثل كينيا وبتسوانا)، وبالتالي فالإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا من منطقة ما ولكنه وجد فيها منذ البداية، والإنسان الذي عثر عليه يترجح أن يكون من السكان القدامى إذا فكل شعوب العالم يجب أن تنتسب إلى إفريقيا وليس العكس. وقد اعترف الإغريق قديما أن الأمازيغ أحد الشعوب الأقدم في العالم. ويدافع الدارسين عن الأصول الأفريقية للسكان الأمازيغ، ويعتبرونهم وحدهم السكان الأقدمين الذين استوطنوا شمال أفريقيا منذ زمن قديم. وأنه من العبث البحث في جذور الأمازيغيين مثل ماذهب إلى ذلك "محمد شفيق" حينما قال: ” إن المؤرخين العرب ادعوا في العصر الوسيط، أن "البربر" من أصل يمني، أي من العرب العاربة الذين لم يكن لهم قط عهد بالعجمة؛ وعلى نهجهم سار المنظرون للاستعمار الفرنسي الاستيطاني في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، فأخذوا يتمحلون البراهين على أن البربر أوربيو المنبت، خاصة الشقر والبيض منهم. ومن الواضح أن الحافز في الإدعاءين كليهما سياسي، سواء أكان صادرا عن حسن نية أم كان إرادة تبرير للإستيطان.
وقد عمل بجد خلال الأربعين سنة الأخيرة، على استغلال الإمكانيات الأركيولوجية والأنتروپولوجية واللسانية في البحث عن أصل الأمازيغ، والنتائج الأولى التي أفضت إليها البحوث أن سكان أفريقية الشمالية الحاليين في جملتهم لهم صلة وثيقة بالإنسان الذي استقر بهذه الديار منذ ما قبل التاريخ، أي منذ ما قدر بـ 9.000 سنة، من جهة؛ من جهة أخرى وبناء على هذا، يمكن القول إن من العبث أن يبحث لـ"بربر" عن موطن أصلي، غير الموطن الذي نشأوا فيه منذ ما يقرب من مائة قرن. ومن يتكلف عناء ذلك البحث يستوجب على نفسه أن يطبقه في التماس موطن أصلي للصينيين مثلا، أو لهنود الهند والسند، أو لقدماء المصريين، أو لليمنيين أنفسهم وللعرب كافة، ليعلم من أين جاؤوا إلى جزيرة العرب“.
الأصل المزدوج:
وهناك رأي آخر يقول بالأصل المزدوج للبربر، فهم حسب هذا الرأي يجمعون بين السلالتين: السلالة الأمازيغية الأصلية والسلالة الهندوأورپية،” فالسلالة الأولى هي الأمازيغية الأصلية الذين استوطنوا شمال أفريقيا منذ زمن قديم، والنتائج التي أفضت إليها البحوث أن سكان أفريقية الشمالية الحاليين في جملتهم لهم صلة وثيقة بالإنسان الذي استقر بهذه الديار منذ ماقبل التاريخ، أي منذ ما قدر بـ 9.000 سنة، والسلالة الثانية هي الهندية الأوروپية التي نزحت إلى إفريقيا من أوروپا على الطريق الذي ذكرناه سابقا وصولا إلى المغرب، وهذا مايفسر لنا اختلاف الخصائص البشرية عند البربر في السحنة ولون الشعر والعيون وشكل الجمجمة وحتى اللهجات، وهذا مايفسر أيضا الخلاف القائم بين مصمودة وصنهاجة مثلا.
كل هذا خاص بالأفارقة البيض القاطنين في بلاد البربر ونوميديا. أما الأفارقة السود بمعنى الكلمة فإنهم جميعا من نسل كوش بن حام بن نوح.
3- الأصل العربي:
ويذهب اتجاه آخر إلى ربط سكان هذه المنطقة بالمشرق وجزيرة العرب، حيث إنهم نزحوا من هناك إلى شمال إفريقيا نتيجة لحروب أو تقلبات مناخية وغيرها.
ونفى ابن خلدون الآراء التي تقول إن البربر ينتمون إلى أصول عربية تمتد إلى اليمن أو القائلة إنهم من عرب اليمن، خصوصا قبائل بربرية مثل "هوارة وصنهاجة وكتامة" أكثر القبائل الأمازيغية ادعاء للعروبة.
وأؤيد قول ابن خلدون فما من عقل يقبل هذه الأكذوبة المضحكة، فالإنسان الأمازيغي عمر هذه الأرض منذ 130000 سنة ق.م و10000 سنة منه ظهر على مسرح التاريخ وتكونت لغته وثقافته (مصطفى أعشي ص: 80 جذور بعض مظاهر الحضارة الأمازيغية خلال عصور ما قبل التاريخ)، وهذا قليل بحقهم إن لم يكونوا أقدم من ذلك، إن ما يسمى (اليمن) معظم تاريخه وهمي ومكذوب وملفق حتى الحضارات التي قامت في اليمن لم ينشئها أهل اليمن الأصليين بل أنشئها السبئيين والحميريين والقتبانيين والمعينيين ومملكة حضرموت ومملكة أوسان وهؤلاء جميعا بلا استثناء أصلهم من الحبشة والنوبة وكوش هاجروا إلى اليمن على دفعات، وأقدم هذه الحضارات يعود إلى 1000 قبل الميلاد، ويعلق الباحثين على أن سبب انتقال اليمن فجأة من العصر الحجري القديم إلى عصر الحضارة عام 1000 قبل الميلاد في وقت متأخر إذا قورن بغيره من الدول مثل العراق القديم 6000 قبل الميلاد وسوريا 5000 قبل الميلاد وبلاد النيل 4000 قبل الميلاد إن سبب هذا الانتقال وصول مهاجرين من إحدى البلدان الحضارية ومن الحبشة تحديدا، فما يسمى اليمن عبارة عن خليط غير متجانس من الأعراق من هنود وأحباش وفرس وصومال وعرب ساميين قحطانيين وعدنانيين قادمين من الحجاز، بل حتى الأمازيغ فالتاريخ يذكر هجرات أمازيغية إلى مايسمى اليمن لذلك تجدهم منفصلين ومتفرقين شمالي وجنوبي لأنهم ليسوا من جد واحد كما يزعمون بل هم أعراق متعددة، أما أقوالهم نحن ونحن.. فليس بجديد عليهم وهي من الأمور المعروفة عنهم فقد امتلأت كتبهم بأساطير وهمية ومضحكة في نفس الوقت فهي أساطير بلا تاريخ.
كأمثلة على ذلك: الملك إفريقش الذي جاء إلى الجزائر وقتل الملك جرجر، والمضحك هنا أنّ إفريقش كلمة ليست عربية وأنّ الملك جرجر أصلا لا يوجد في تاريخ الأمازيغ. وأنّ ألكسندر المقدوني يمني الأصل، وأنّ فرعون كان راعي الغنم في اليمن واسمه عون ففرّ هاربا من اليمن فسُمي فرعون، وأنّ الفراعنة أصلهم من اليمن والجزيرة العربية، وأنّ برلين كلمة عربية مكوّنة من شقين برّ معناه تربة وليّن معناه رطبة. وهناك الكثير من الأكاذيب فهم يُنسبون معظم الأقوام إليهم وكذلك العُظماء ويغيرون أبطال الأساطير الفارسية والإغريقية إلى أبطال محليين.
وقد نفى ابن حزم أيضا هذه الإدعاءات وما قاله النسابون في نسب الأمازيغ ورد قائلا: "إن هذا باطل لا شك فيه. وما علم النسابون لقيس عيلان ابناً اسمه بر أصلاً، ولا كان لحمير طريق إلى بلاد البربر، إلا في تكاذيب مؤرخي اليمن".
زيادة وفيما يتعلق بالملامح، فمن المعروف أن عددا كبيرا من الأمازيغ يتميزون ببياض البشرة وبشعرهم الأشقر، أما اليمن فإن جبتها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب فلن تجد ولو يمنيا واحدا أشقر الشعر، فكلهم من ذوي البشرة السمراء الداكنة والشعر الأسود.
المهم أنهم برعوا في الكذب المكشوف ولم يستحيوا. فنصيحتنا لهم إذا أرادوا التقدّم والرّقي، عليهم بالصدق لأنّه أساس البناء وإنطلاقته وكفاهم بهتانا فمن بدأ بناء ذاته بوهم فلن يصل أبدا ونحن على كل حال نشاهد حال اليمن المتخِّلف الآن وهو نتيجة أكاذيبهم وأوهامهم.
كما ينفي ابن خلدون نسبة البربر إلى العرب عبر اعتبارهم كنعانيين من ولد كنعان بن حام بن نوح، فالكنعانيون ليسوا عربا، وليسوا من أبناء سام.
ويرفض كثير من المعاصرين نسبة البربر إلى العرب، ويؤكدون أن العرق الأمازيغي أحد الأعراق القديمة وأنه سابق للوجود العربي، وذلك استنادا إلى دراسات تفيد بأن أقدم الشعوب فوق الأرض 32 شعبا منها البربر، ولا وجود للعرب آنذاك.
وفي دراسة للباحث الفرنسي (Dr Ely Le Blanc) كشف أنه من خلال تنوع النمط العرقي يمكن القول إن شعب البربر قد تألف من عناصر غير متجانسة، انضم بعضها إلى بعض في أزمنة تاريخية مختلفة وتفاوتت درجة تمازجها، لكن يبدو من الصعب تحديد الفرع الذي ينتسبون إليه ومن أين أتوا.
بالإضافة إلى بعض التوضيحات النظرية المذكورة سابقا سنتطرق الآن لتحليل تفصيلي تطبيقي منطقي لما جاء في الإتجاهات المذكورة مستعينا بالدراسات والأبحاث التي أجريت في هذا المجال:
كما ذكرنا في الاتجاه الرابع فقد ذهبت طائفة من النسابين إلى أن الأمازيغ أو البربر من العرب واختلف في ذلك فقيل أوزاع من اليمن وقيل من ولد جالوت ملك بني إسرائيل والكثير من الترهات المضحكة الناتجة عن القوميين العرب الذين ينسبون الأمازيغ إلى شبه الجزيرة العربية ويدعمون قولهم بأن هناك تشابه في لغة البربر مع لغات جنوب اليمن وخاصة لغة قبائل حضرموت وأن التيفيناخ له علاقة مع خط المسند وهي محاولات يائسة من القوميين العرب لمهاجمة الامازيغية، حيث كانوا قد قدموا هذه النظرية خلال السبعينات، لكنهم تخلوا عنها بعد أن أثبتت العلوم الأركيولوجية أن اللغات السامية لم تظهر إلا في الألفية الثالثة قبل الميلاد، في حين أن الأمازيغية ظهرت مع الإنسان القفصي، والإنسان القفصي هو الأمازيغي الأول الذي ظهر بتونس منذ مدة تتراوح بين الألفية السابعة والتاسعة قبل الميلاد وهذا يعني أن الأمازيغية أقدم بأربعة ألآف سنة عن اللغات السامية. )الباحث الجزائري سالم شاكر(.
مما وضع القوميين العرب في موقف حرج بحيث انقلب السحر على الساحر، فبعد أن أرادوا نسب الأمازيغية للعربية وجدوا أنفسهم بدعمهم لهذه النظرية إنما يؤكدون أن العرب أمازيغ هاجروا الى الجزيرة العربية. وحتى قبل ذلك كانوا مترددين حول هذه النظرية لأن الحركات الأمازيغية استعملتها ضدهم، حيث قال بعض المفكرون أن اعتبار الأمازيغية لغة عربية سبب آخر يلزم حكام شعوب شمال افريقيا الإعتراف بها كلغة رسمية مما أحرج القوميين العرب في هذه الدول. إذن فحتى لوصدقوا فهذا يعني أنهم أمازيغ و ليس العكس. وهناك آلاف الكلمات الأمازيغية تتشابه مع الألمانية ومع اللغة المصرية القديمة ومع الباسكية وقد ثبت علميا بواسطة الجينات أنه لا علاقة للعرب بالأمازيغ، وهذه الإدعاءات قديمة جدا أكل عليها الدهر وشرب ولم تعد تتناول إلا في المنتديات والمواقع الخليجية. (النتائج التي توصلت إليها دراسة الجينات في أن أمازيغ القبايل بالجزائر والباسكيين يحملون نفس الجينات سوف نوردها لاحقا بتفصيل).
ومنهم من قال أن حروف التيفيناخ هي حروف عربية كنعانية قديمة، وهي تيفيناق أي فينيقية الأصل، والله أعلم على ما اعتمدوا في الوصول لهذه النتيجة التي أقل ما قد يقال عنها أنها مضحكة، فقد أكد علماء الآثار أن التيفيناخ تتعدى 10000 سنة قبل الميلاد بينما الفينيقية كتابة حديثة جدا لم تظهر إلا في سنة 1200 قبل الميلاد، وللتوضيح أكثر فكلمة تيفيناخ تتكون من كلمتين "تفي" يعني اكتشاف واختراع، و"ناخ" ضمير متصل يعني ملكنا لنا حيث "تفي" أتت من فعل "يوفا" أو "أف" ويعني عثر، وجد واكتشف، وعند تحويل هذا الفعل إلى اسم وهو "تفي" يتحول معناه إلى الإختراع والإكتشاف في نفس الوقت، وهذا أمر معروف بين جميع المتكلمين باللغة الأمازيغية ويزداد ارتباط معنى "تفي" بالاختراع إذا اتصلت بالضمائر المتصلة وهذا أمر معروف بين جميع المتكلمين باللغة الأمازيغية، وعليه فإن "تيفي ناخ" تعني نحن من توصلنا إلى اختراع شيء لم يكن معروفا بين الأمم، ونحن من تمكنا من اكتشاف شيء لم يكن معروفا بين الأمم أي نحن من أظهرنا هذا الشيء الذي لم يكن معروفا بين الأم.
إني أتعجب من الذين يقولون أن التيفيناخ له علاقة مع خط المسند وكأن الأمازيغ لا يعلمون أنه يوجد خط المسند، فقد أكد العلماء أنه لا توجد أي علاقة بين خط المسند والتيفيناخ وقاموا بمقارانات منذ سنة 1800 ولم يتوصلوا إلى أي نتيجة من حيث التشابه بين التيفيناخ والمسند من حيث الأشكال فقط أما من ناحية لفظ الرموز هناك اختلاف فمثلا رمز( o) عبارة عن عين في المسند وفي تيفيناخ عبارة عن راء، ورمز الدائرة في وسطها خط عمودي هو في المسند عبارة عن واو وفي التيفيناخ عبارة عن باء، وهكذا يتضح لنا أنه لا توجد أي علاقة بين خط التيفيناخ والمسند، بل تشابه فقط في حرفين هما الشين والتاء. ومن ناحية أخرى توجد الكثير من الأبجديات الأوربية القديمة التي ظهرت في العصور ما قبل التاريخ يوجد الكثير من أشكالها يتشابه مع التيفيناخ، بل قد عثر العلماء على أبجدية أوربية تسمى glozel alphabet بها 12 حرفا مطابقا للكتابة الأمازيغية شكلا ومعنى، زيادة عن التشابه العام للأشكال بين أبجدية الأمازيغ وأبجدية glozel، وكما عثر العلماء أيضا على أبجدية أوربية اسمها Vinča alphabet حيث هناك تطابق كثير من الرموز بين هذه الأبجدية مع أبجدية الأمازيغ.
وللإضافة فالحرف الفينيقي والمسند الذي يتوهم العرب أنهما حرفان عربيان ما هما إلا حروف أصلهما من رموز سيناء، والدليل أن 98 بالمئة من رموز المسند ورموز الفينيقية هي نفسها الرموز التي وجدت في سيناء، ورموز سيناء أصلها من أرمينا فمعروف أن الأرمن تمكنوا من غزو الشام و توغلوا إلى سيناء وشرق مصر ونقلوا معهم رموزهم وحروفهم إلى سيناء وشرق مصر فقد أكد العلماء على العثور على رموز سيناء في أرمينا، وأكدوا أن تاريخ هذه الرموز المعثور عليها في أرمينيا سابق لتاريخ الرموز التي وجدت في سيناء، أي رموز وحروف الأرمن التي نقلوها إلى سيناء وإلى مصر هي أصل جميع الأبجديات السامية. فمدام الساميين والعرب أخدوا الحروف من الأرمن فأين هو الحرف العربي؟! وأين هو الحرف السامي؟! وللعلم فالأرمن شعب هندي أوربي (The Evolution of the Armenian alphabet).
ومنهم أيضا من قال أنه تم اكتشاف حروف في صحاري وجبال ظفار (ظفار بلد عربي عاصمته صلالة يقع بقلب جنوب الجزيرة العربية بين عمان واليمن وهو حالياً المنطقة الجنوبية من سلطنة عمان) تشبه حروف التيفيناخ متناسين أنه لا توجد أبجدية اسمها ظفارية والدليل أن 95 بالمئة من رموزها هي نفس رموز أبجدية المسند لفظا وشكلا بمختلف فروعه ثمودي وصفوي ولحياني... وبالتالي فالأبجدية الظفارية ما هي إلا فرع من فروع أبجدية المسند التي ظهرت عام 900 قبل الميلاد، والعثور على رمز الزاي الأمازيغي في الأبجدية الظفارية لا يثبت أنهما من أصل واحد حيث الكثير من أبجديات العالم تتشابه في الأشكال إذ أنه يمثل حرف الثاء وليس الزاي، والعجيب أنه عثر على رمز الزاي الأمازيغي في الأبجدية الرونية الجرمانية وهو يمثل حرف الزاي في الأبجدية الرونية الجرمانية وهذا الرمز أي الزاي الأمازيغي المعثور عليه في الأبجدية الرونية مطابق لرمز الزاي الأمازيغي شكلا ولفظا. وعثر في كتابات قديمة في الهند indus script على شكل حرف الزاد الأمازيغي، وكما تم العثور على شكل حرف الزاد الأمازيغي في أبجدية أوربية اسمها ogham alphabet بل في هذه الأبجدية هناك حروف تطابق مع الكتابة الأمازيغية لفظا وشكلا، والعجب أنه يوجد شعب إفريقي زنجي اسمه Dogon people لهم أبجدية قديمة موغلة في القدم تعود إلى أكثر من 7000 قبل الميلاد وقد اتخذوا من رمز الزاي الأمازيغي شعارا لهم في حفالاتهم وأعيادهم وفي جميع أمور حياتهم، ثم أبجدية الأمازيغ هي نفسها الأبجدية الفرنسية التي عثر عليها اسمها glozel pierre والتي تعود الى أكثر من 9000 قبل الميلاد، وقد تم العثور أيضا على أبجدية أوربية تتطابق تطابقا تاما مع الأبجدية الأمازيغية اسمها Vinča symbole والتي تعود إلى أكثر من 7000 قبل الميلاد، ثم أن علماء أروبا وأمريكا كلهم اعترفوا أن الرموز التي وجدت في أمريكا رموز أمازيغية و لم يقل أحد منهم أنها رموز المسند ولا الفينيقية باعتراف العالمين "barry fell" و" david kelly" ولا ننسى اعتراف العالم " barry fell" أن البلدان الجرمانية ملوؤة بآثار كتابة الأمازيغ وأكد أن هذه الآثار تعود إلى فترة ما قبل التاريخ.
لقد فشل العرب فشلا ذريعا مؤلما فنادوا لسنين طويلة أن التيفيناخ أصلها فينيقي لكن لم يجدوا أي تشابه بينهما، إضافة على قدم وسبق التيفيناخ للفينيقية كما ذكرنا. بعد هذا الفشل ادعى العرب أنه يوجد خط عربي في جنوب جزيرة العرب يشبه التيفيناخ وهو خط المسند لكن للأسف لم يجد العرب أي تشابه بين التيفيناخ وخط المسند رغم الشبه الكبير الموجود من ناحية الأشكال، فيما أكد العلماء أن خط المسند بمختلف فروعه خط حديث جدا ظهر عام 900 قبل الميلاد بينما أكد علماء الآثار أن التيفيناخ يتعدى 10000 سنة قبل الميلاد. وبعد أن فشل العرب في إيجاد ترابط بين المسند والتيفيناخ اعترفوا أنه لا توجد أبجدية اسمها ظفارية تتشابه مع التيفيناخ، والحقيقة أنهم فشلوا إذ أن الحروف الظفارية 95 بالمئة من حروفها هي نفس حروف المسند بمختلف فروعه شكلا ولفظا أي أن الحروف الظفارية ما هي إلا جزء من أبجدية المسند.
وفيما يخص النقوشات وبعض المخلفات للأمازيغ التي وجدت في شبه الجزيرة العربية فليس بغريب، فالأمازيغ حكموا مصر الفرعونية ابتداء من الأسرة 21 وكانت لهم فتوحاتهم وغزواتهم امتدت إلى بابل والشام وفلسطين بجيوش أمازيغية أشاوس، وكان لم يمر على موت النبي سيدنا سليمان سوى بضع سنوات حتى غزا الفرعون الأمازيغي "شيشنق" فلسطين حوالي عام 920 ق.م. فحكموا وغنموا وتوغلوا داخل الجزيرة العربية وبالأخص اليمن حيث أصبحت هناك مخلفات للأمازيغ من قبيل بعض العادات والأسماء بل هناك من الامازيغ من استوطنوا اليمن في تلك الفترة من الزمن.
لقد بسط الفراعنة الأمازيغ سيطرتهم على كل الاراضي المتآخمة لأرضهم ولمرات وأسسوا امبراطورية عظيمة وهذا ما يذكره التاريخ بعجالة.
يتبع ...طالع الأمازيغ وإشكالية الأصل 2 و 3 و 4
لطالما تساءل البعض عن معنى كلمة أمازيغ أو من هو الشعب البربري، ومن أين أتى وما علاقتهم بالعرب. لذلك وجوابا على تساءلات الجميع أود طرح هذا الموضوع لنستفيد جميعا. أولا الأمازيغ أو البربر مصطلحان يستعملان في الغالب للدلالة على السكان الأصليين الذين قطنوا شمال أفريقيا.
وقد وردت كلمة «أمازيغ» في نقوش المصريين القدماء وعند كتاب اليونان والرومان وغيرهم من الشعوب القديمة التي عاصرت الأمازيغيين. والأمازيغ مصطلح يعني الرجال الأحرار لا يتحملون الخضوع لسلطان ولا يرضخون إلا للقوة، وتعني صيغة الفعل منه غزا أو أغار.
ومن المعاصرين الذين تعرّضوا لهذا الإسم «أمازيغ» المؤرّخ "شارل أندري جوليان" الذي قال: وقد أطلق الإسم على قبائل عديدة قبيل الاحتلال الروماني. ويضيف عالم البربريات "رسل": والجدير بالملاحظة أننا نعرف من المكتشفات الحديثة أن اللوبيين كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "أمازيغ" المعروف عند اللاتينيين بـ "Mazyes"، فاسم "أمازيغ" اسم حقيقي كان شائعاً في العهدين الفينيقي والروماني . (محمد المختار الغرباوي، في مواجهة النزعة البربريّة وأخطارها الانقساميّة، دراسة ـ من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2005).
البربر مصطلح مشتق من الكلمة اليونانية "باربوروس Barbarus" وتعني حرفياً "الأجنبي" أطلقها اليونانيون أولاً على جميع الأجانب، بمن فيهم الرومان ومن هنا سموا إيطاليا، برباريا. وقد اتخذت اللفظة في العهد الإغريقي معنى ازدرائياً مقترناً بالطبيعة الهمجية التي نسبها الإغريق إلى أعدائهم. ومن ثم أطلقت على من لا يجيد اللغة اليونانية، أو على جميع الشعوب غير الواقعة تحت النفوذ أو التأثير الإغريقي. واستعاره الرومان واطلقوه على كل الأجانب ومنهم الأمازيغ الذين كانوا خارجين تاريخيا عن سيادة الرومان. فهي تسمية جاءت من الخارج ولم يخترها الأمازيغ لأنفسهم. وهذا ما يدل على أن الرومان لم تكن لهم سلطة واقعية أو فعلية على قبائل البربر، لان البربر لم يتقبلوا سلطان الرومان، وكانت هنالك ثورات ضدهم، لعل أشهرها ثورة تاكفارينس Tacfarinac التي ظلت مستعرة 13 عاماً، ومن ثم قبض الرومان عليه وأعدموه ودفنوه في لبدة.
وشاع إطلاق لفظ «البربر» على ألسنة الناس فهي الأكثر شيوعاً واستعمالاً من لفظ أمازيغ في الدوائر الأكاديمية ودور العلم، علماً بأن كلاهما سيان من حيث الاستدلال بعيداً عن سوء الظن أو الفهم وما شاكل ذلك من حساسيات.. وإن كان عدد من مثقفي الأمازيغ لا يتبنى هذه التسمية ويرى فيها سلبيات عهود ظلم قديم لحق الأمازيغي عبر التاريخ واستمر باستمرار تداولها إلى اليوم كنوع من العنصرية المبطنة المعاصرة إتجاهه.
وتبرز في مجال البحث حول الأصول التاريخية والعرقية للأمازيغ اتجاهات عديدة وتتمثل فيما يلي:
1- الأصل الأوربي:
أولها أولئك الذين تأثروا باتجاهات المدارس الغربية، فإذا بحثنا في الكتب الأوربية سنجد أنهم ينسبون البربر إليهم ويرون أن أصل الأمازيغ إنما يتأصل في أوروبا، إذ ثمة معطيات لغوية وبشرية تشير إلى أن الإنسان الأمازيغي له صلة بالجنس الوندالي الجرماني(Vandale) المنحدر من ألمانيا حاليا حيث لم يكونوا يستقرون في مكان معين بل كانوا دائمي الترحال، وسبق لهم أن استعمروا شمال إفريقيا واستقروا بها. وقد اقتطعوا أجزاء من الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي وأسسوا لهم دولة في شمال أفريقيا مركزها مدينة قرطاج وضموا إليها جزيرة صقلية والعديد من جزر البحر المتوسط. يعتقد أن إسم الأندلس مشتق من إسم هذه القبيلة (في الأصل سميت المنطقة «فاندالوسيا» ومع الأيام حُرّف إلى أندوليسيا ثم حولها العرب لـ«الأندلس») حيث سكنوا جنوب إيبيريا لمدة من الزمن ثم انتقلوا بعدها لأفريقيا ليحتلوا طنجة إلى طبرية – (برقة) – في تونس، وأسسوا أول الممالك الجرمانية فى أفريقيا. في سنة 455 اقتحم الوندال مدينة روما وعاثوا فيها فسادا وخربوها تخريبا عظيما ولا سيما في الآثار الفنية والأدبية. http://ar.wikipedia.org/wiki ) /وندال(
ولما كان الوندال يعتبروا أكثر القبائل همجية وعنفا انتقل إسم الوندال Vandaleليصبح مرادفا لكلمة البربرية والهمجية في المعاجم الأوربية فرنسية كانت أو إنجليزية. (http://historymemo.wordpress.com).
وقد دعمت هذه الأطروحة بالتشابه الحاصل بين اللهجات البربرية واللغات الجرمانية إذ هناك تماثلات لغوية بين الأمازيغية ولغة الوندال الجرمانية من جهة حيث نجد العديد من الكلمات في اللغة الجرمانية القديمة وحتى الألمانية الحديثة مشابهة لكلمات في اللغة الأمازيغية لازال الأمازيغ ينطقون بها لحد الآن، زيادة على أن مخارج الأصوات أو الحروف الأكثر استعمالا في اللغة الألمانية حرفي (ش) و(خ) خاصة في آخر الكلمات وهو ما نجده أيضا في اللغة الأمازيغية بشكل ملفت إذ لا نكاد نسمع في أصوات الأمازيغ إلا حرفي الشين والخاء، فمعظم الكلمات في اللغة الأمازيغية لا تخلو من هاذين الحرفين خاصة أمازيغية شمال المغرب، كما أن حروف اللغة الجرمانية القديمة مشابهة لحروف اللغة الأمازيغية تيفيناخ. ويستند هذا الطرح أيضا إلى التشابه الذي يوجد بين بعض ملامح البربر والأوروبيين مثل لون العيون والشعر من جهة أخرى. ومن يعرف المغاربة سيعرف أنهم يشبهون اللهجة الريفية باللغة الهولندية أو الألمانية.
ويذهب البعض إلى أن البربر ينتسبون إلى "يافت" بن نوح عليه السلام (الذي من سلالته انبثقت شعوب أوروبا) خرجوا من الهند إلى فارس، إلى القوقاز، فالشمال الأوربي بفيلاندا واسكندينافيا، ثم فرنسا وإسبانيا قبل أن يستقروا بشمال إفريقيا. ومن هنا يفسر التشابه في النطق وبياض بشرة القوقازي وزعورة الشعر المتصف بها الشماليون والتي نجدها عند العديد من أبناء البربر. ويستدلون على ذلك بالمعالم الميغالينية أو معالم الحجارة الكبرى من المصاطب (الدولمين) والمسلات (المنهيد) والمستديرات (الخرومليكس) التي بثوها على طول هذه الطريق، وهي توجد بشمال أفريقيا وتنتهي بالمفيضة. كما يستدلون بتشابه أسماء قبائل الكيماريين بفينلاندا والسويد وبني عمارة في المغرب وخميس بتونس فالأسماء متشابهة جدا؛ أو بالحرف الروني المنقوش على المعالم الميغالينية فإنه يشبه الخط اللوبي المنقوش على الصخور بشمال أفريقيا.
وذهب البعض إلى أنهم من نسل الغاليين (gaulois) أو الجرمان الذين أتوا مع الفيالق الرومانية أو الوندال، وهو أمر لا يمكن التسليم به لكون هذا النمط من البربر عاش في تلك المناطق قبل الوجود الروماني.
ويرتكز آخرون على الرأي القائل بوجود صلة بين الباسكيين (هم شعب يسكن شمال إسبانيا وجنوب فرنسا) والبربر على طروحات معجمية متشابهة، وأول من نحى هذا المنحى هو الفرنسي (L. de Gèzeen ) سنة 1885، ثم تبعه الألماني (G. Von der Gabelenz) سنة 1894 بعد أن أصدر كتابا بعنوان "البسكية والبربرية.". وقد تعزز هذا الطرح بمقالات كتبها سنة 1964 (HANS G. Mukarovsky) مفادها أن لغة سبقت لغة البربر سماها اللغة الموريتانية انتقلت من الصحراء، حيث كان يعيش البربر الطوارق، إلى بلاد الباسك. بقايا هذه اللغة هو ما يشكل الموروث اللغوي المشترك بين الباسك والبربر، إضافة إلى تشابه كبير بين نظام الكتابة البسكية ونظام الكتابة الليبية القديمة. ولم يتوقف الإفتراض عند هذا الحد، بل ومنذ سنة 1995 وفيما يخص الصفات الوراثية، اعتمدت الأبحات التي يقوم بها العالم "Antonio Arnaiz" في إسبانيا على إبراز رصيد جيني مشترك بين البربر بمنطقة القبايل الجزائرية والباسكيين، وقد طرحت نتائج أبحاثه في مؤتمر حول الجينات البشرية في برشلونة {9، 10 نوفمبر 1995}. (للمزيد من المعلومات اطلع على ما كتبه الدكتور M. A. Haddadou).
ومن ناحية أخرى لا يمكن التسليم داخل نفس الأسرة العرقية بذلك للاختلافات الحاصلة من باب التمثيل فقط بين أمازيغ إقليمي القبائل وجبال الأوراس، من قامتهم متوسطة أو قصيرة وبينهم عدد كبير من الشقر، وبين أهل "مزاب" مثلا ذوي الشعر والعيون السود، أو بينهم وبين الطوارق.
2- الأصل المحلي:
ويميل اتجاه آخر إلى بناء وجهة نظره على بعض الكشوفات الأركيولوجية والأنثربولوجية، حيث أنه تم العثور على أول إنسان في التاريخ في بعض مناطق أفريقيا (مثل كينيا وبتسوانا)، وبالتالي فالإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا من منطقة ما ولكنه وجد فيها منذ البداية، والإنسان الذي عثر عليه يترجح أن يكون من السكان القدامى إذا فكل شعوب العالم يجب أن تنتسب إلى إفريقيا وليس العكس. وقد اعترف الإغريق قديما أن الأمازيغ أحد الشعوب الأقدم في العالم. ويدافع الدارسين عن الأصول الأفريقية للسكان الأمازيغ، ويعتبرونهم وحدهم السكان الأقدمين الذين استوطنوا شمال أفريقيا منذ زمن قديم. وأنه من العبث البحث في جذور الأمازيغيين مثل ماذهب إلى ذلك "محمد شفيق" حينما قال: ” إن المؤرخين العرب ادعوا في العصر الوسيط، أن "البربر" من أصل يمني، أي من العرب العاربة الذين لم يكن لهم قط عهد بالعجمة؛ وعلى نهجهم سار المنظرون للاستعمار الفرنسي الاستيطاني في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، فأخذوا يتمحلون البراهين على أن البربر أوربيو المنبت، خاصة الشقر والبيض منهم. ومن الواضح أن الحافز في الإدعاءين كليهما سياسي، سواء أكان صادرا عن حسن نية أم كان إرادة تبرير للإستيطان.
وقد عمل بجد خلال الأربعين سنة الأخيرة، على استغلال الإمكانيات الأركيولوجية والأنتروپولوجية واللسانية في البحث عن أصل الأمازيغ، والنتائج الأولى التي أفضت إليها البحوث أن سكان أفريقية الشمالية الحاليين في جملتهم لهم صلة وثيقة بالإنسان الذي استقر بهذه الديار منذ ما قبل التاريخ، أي منذ ما قدر بـ 9.000 سنة، من جهة؛ من جهة أخرى وبناء على هذا، يمكن القول إن من العبث أن يبحث لـ"بربر" عن موطن أصلي، غير الموطن الذي نشأوا فيه منذ ما يقرب من مائة قرن. ومن يتكلف عناء ذلك البحث يستوجب على نفسه أن يطبقه في التماس موطن أصلي للصينيين مثلا، أو لهنود الهند والسند، أو لقدماء المصريين، أو لليمنيين أنفسهم وللعرب كافة، ليعلم من أين جاؤوا إلى جزيرة العرب“.
الأصل المزدوج:
وهناك رأي آخر يقول بالأصل المزدوج للبربر، فهم حسب هذا الرأي يجمعون بين السلالتين: السلالة الأمازيغية الأصلية والسلالة الهندوأورپية،” فالسلالة الأولى هي الأمازيغية الأصلية الذين استوطنوا شمال أفريقيا منذ زمن قديم، والنتائج التي أفضت إليها البحوث أن سكان أفريقية الشمالية الحاليين في جملتهم لهم صلة وثيقة بالإنسان الذي استقر بهذه الديار منذ ماقبل التاريخ، أي منذ ما قدر بـ 9.000 سنة، والسلالة الثانية هي الهندية الأوروپية التي نزحت إلى إفريقيا من أوروپا على الطريق الذي ذكرناه سابقا وصولا إلى المغرب، وهذا مايفسر لنا اختلاف الخصائص البشرية عند البربر في السحنة ولون الشعر والعيون وشكل الجمجمة وحتى اللهجات، وهذا مايفسر أيضا الخلاف القائم بين مصمودة وصنهاجة مثلا.
كل هذا خاص بالأفارقة البيض القاطنين في بلاد البربر ونوميديا. أما الأفارقة السود بمعنى الكلمة فإنهم جميعا من نسل كوش بن حام بن نوح.
3- الأصل العربي:
ويذهب اتجاه آخر إلى ربط سكان هذه المنطقة بالمشرق وجزيرة العرب، حيث إنهم نزحوا من هناك إلى شمال إفريقيا نتيجة لحروب أو تقلبات مناخية وغيرها.
ونفى ابن خلدون الآراء التي تقول إن البربر ينتمون إلى أصول عربية تمتد إلى اليمن أو القائلة إنهم من عرب اليمن، خصوصا قبائل بربرية مثل "هوارة وصنهاجة وكتامة" أكثر القبائل الأمازيغية ادعاء للعروبة.
وأؤيد قول ابن خلدون فما من عقل يقبل هذه الأكذوبة المضحكة، فالإنسان الأمازيغي عمر هذه الأرض منذ 130000 سنة ق.م و10000 سنة منه ظهر على مسرح التاريخ وتكونت لغته وثقافته (مصطفى أعشي ص: 80 جذور بعض مظاهر الحضارة الأمازيغية خلال عصور ما قبل التاريخ)، وهذا قليل بحقهم إن لم يكونوا أقدم من ذلك، إن ما يسمى (اليمن) معظم تاريخه وهمي ومكذوب وملفق حتى الحضارات التي قامت في اليمن لم ينشئها أهل اليمن الأصليين بل أنشئها السبئيين والحميريين والقتبانيين والمعينيين ومملكة حضرموت ومملكة أوسان وهؤلاء جميعا بلا استثناء أصلهم من الحبشة والنوبة وكوش هاجروا إلى اليمن على دفعات، وأقدم هذه الحضارات يعود إلى 1000 قبل الميلاد، ويعلق الباحثين على أن سبب انتقال اليمن فجأة من العصر الحجري القديم إلى عصر الحضارة عام 1000 قبل الميلاد في وقت متأخر إذا قورن بغيره من الدول مثل العراق القديم 6000 قبل الميلاد وسوريا 5000 قبل الميلاد وبلاد النيل 4000 قبل الميلاد إن سبب هذا الانتقال وصول مهاجرين من إحدى البلدان الحضارية ومن الحبشة تحديدا، فما يسمى اليمن عبارة عن خليط غير متجانس من الأعراق من هنود وأحباش وفرس وصومال وعرب ساميين قحطانيين وعدنانيين قادمين من الحجاز، بل حتى الأمازيغ فالتاريخ يذكر هجرات أمازيغية إلى مايسمى اليمن لذلك تجدهم منفصلين ومتفرقين شمالي وجنوبي لأنهم ليسوا من جد واحد كما يزعمون بل هم أعراق متعددة، أما أقوالهم نحن ونحن.. فليس بجديد عليهم وهي من الأمور المعروفة عنهم فقد امتلأت كتبهم بأساطير وهمية ومضحكة في نفس الوقت فهي أساطير بلا تاريخ.
كأمثلة على ذلك: الملك إفريقش الذي جاء إلى الجزائر وقتل الملك جرجر، والمضحك هنا أنّ إفريقش كلمة ليست عربية وأنّ الملك جرجر أصلا لا يوجد في تاريخ الأمازيغ. وأنّ ألكسندر المقدوني يمني الأصل، وأنّ فرعون كان راعي الغنم في اليمن واسمه عون ففرّ هاربا من اليمن فسُمي فرعون، وأنّ الفراعنة أصلهم من اليمن والجزيرة العربية، وأنّ برلين كلمة عربية مكوّنة من شقين برّ معناه تربة وليّن معناه رطبة. وهناك الكثير من الأكاذيب فهم يُنسبون معظم الأقوام إليهم وكذلك العُظماء ويغيرون أبطال الأساطير الفارسية والإغريقية إلى أبطال محليين.
وقد نفى ابن حزم أيضا هذه الإدعاءات وما قاله النسابون في نسب الأمازيغ ورد قائلا: "إن هذا باطل لا شك فيه. وما علم النسابون لقيس عيلان ابناً اسمه بر أصلاً، ولا كان لحمير طريق إلى بلاد البربر، إلا في تكاذيب مؤرخي اليمن".
زيادة وفيما يتعلق بالملامح، فمن المعروف أن عددا كبيرا من الأمازيغ يتميزون ببياض البشرة وبشعرهم الأشقر، أما اليمن فإن جبتها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب فلن تجد ولو يمنيا واحدا أشقر الشعر، فكلهم من ذوي البشرة السمراء الداكنة والشعر الأسود.
المهم أنهم برعوا في الكذب المكشوف ولم يستحيوا. فنصيحتنا لهم إذا أرادوا التقدّم والرّقي، عليهم بالصدق لأنّه أساس البناء وإنطلاقته وكفاهم بهتانا فمن بدأ بناء ذاته بوهم فلن يصل أبدا ونحن على كل حال نشاهد حال اليمن المتخِّلف الآن وهو نتيجة أكاذيبهم وأوهامهم.
كما ينفي ابن خلدون نسبة البربر إلى العرب عبر اعتبارهم كنعانيين من ولد كنعان بن حام بن نوح، فالكنعانيون ليسوا عربا، وليسوا من أبناء سام.
ويرفض كثير من المعاصرين نسبة البربر إلى العرب، ويؤكدون أن العرق الأمازيغي أحد الأعراق القديمة وأنه سابق للوجود العربي، وذلك استنادا إلى دراسات تفيد بأن أقدم الشعوب فوق الأرض 32 شعبا منها البربر، ولا وجود للعرب آنذاك.
وفي دراسة للباحث الفرنسي (Dr Ely Le Blanc) كشف أنه من خلال تنوع النمط العرقي يمكن القول إن شعب البربر قد تألف من عناصر غير متجانسة، انضم بعضها إلى بعض في أزمنة تاريخية مختلفة وتفاوتت درجة تمازجها، لكن يبدو من الصعب تحديد الفرع الذي ينتسبون إليه ومن أين أتوا.
بالإضافة إلى بعض التوضيحات النظرية المذكورة سابقا سنتطرق الآن لتحليل تفصيلي تطبيقي منطقي لما جاء في الإتجاهات المذكورة مستعينا بالدراسات والأبحاث التي أجريت في هذا المجال:
كما ذكرنا في الاتجاه الرابع فقد ذهبت طائفة من النسابين إلى أن الأمازيغ أو البربر من العرب واختلف في ذلك فقيل أوزاع من اليمن وقيل من ولد جالوت ملك بني إسرائيل والكثير من الترهات المضحكة الناتجة عن القوميين العرب الذين ينسبون الأمازيغ إلى شبه الجزيرة العربية ويدعمون قولهم بأن هناك تشابه في لغة البربر مع لغات جنوب اليمن وخاصة لغة قبائل حضرموت وأن التيفيناخ له علاقة مع خط المسند وهي محاولات يائسة من القوميين العرب لمهاجمة الامازيغية، حيث كانوا قد قدموا هذه النظرية خلال السبعينات، لكنهم تخلوا عنها بعد أن أثبتت العلوم الأركيولوجية أن اللغات السامية لم تظهر إلا في الألفية الثالثة قبل الميلاد، في حين أن الأمازيغية ظهرت مع الإنسان القفصي، والإنسان القفصي هو الأمازيغي الأول الذي ظهر بتونس منذ مدة تتراوح بين الألفية السابعة والتاسعة قبل الميلاد وهذا يعني أن الأمازيغية أقدم بأربعة ألآف سنة عن اللغات السامية. )الباحث الجزائري سالم شاكر(.
مما وضع القوميين العرب في موقف حرج بحيث انقلب السحر على الساحر، فبعد أن أرادوا نسب الأمازيغية للعربية وجدوا أنفسهم بدعمهم لهذه النظرية إنما يؤكدون أن العرب أمازيغ هاجروا الى الجزيرة العربية. وحتى قبل ذلك كانوا مترددين حول هذه النظرية لأن الحركات الأمازيغية استعملتها ضدهم، حيث قال بعض المفكرون أن اعتبار الأمازيغية لغة عربية سبب آخر يلزم حكام شعوب شمال افريقيا الإعتراف بها كلغة رسمية مما أحرج القوميين العرب في هذه الدول. إذن فحتى لوصدقوا فهذا يعني أنهم أمازيغ و ليس العكس. وهناك آلاف الكلمات الأمازيغية تتشابه مع الألمانية ومع اللغة المصرية القديمة ومع الباسكية وقد ثبت علميا بواسطة الجينات أنه لا علاقة للعرب بالأمازيغ، وهذه الإدعاءات قديمة جدا أكل عليها الدهر وشرب ولم تعد تتناول إلا في المنتديات والمواقع الخليجية. (النتائج التي توصلت إليها دراسة الجينات في أن أمازيغ القبايل بالجزائر والباسكيين يحملون نفس الجينات سوف نوردها لاحقا بتفصيل).
ومنهم من قال أن حروف التيفيناخ هي حروف عربية كنعانية قديمة، وهي تيفيناق أي فينيقية الأصل، والله أعلم على ما اعتمدوا في الوصول لهذه النتيجة التي أقل ما قد يقال عنها أنها مضحكة، فقد أكد علماء الآثار أن التيفيناخ تتعدى 10000 سنة قبل الميلاد بينما الفينيقية كتابة حديثة جدا لم تظهر إلا في سنة 1200 قبل الميلاد، وللتوضيح أكثر فكلمة تيفيناخ تتكون من كلمتين "تفي" يعني اكتشاف واختراع، و"ناخ" ضمير متصل يعني ملكنا لنا حيث "تفي" أتت من فعل "يوفا" أو "أف" ويعني عثر، وجد واكتشف، وعند تحويل هذا الفعل إلى اسم وهو "تفي" يتحول معناه إلى الإختراع والإكتشاف في نفس الوقت، وهذا أمر معروف بين جميع المتكلمين باللغة الأمازيغية ويزداد ارتباط معنى "تفي" بالاختراع إذا اتصلت بالضمائر المتصلة وهذا أمر معروف بين جميع المتكلمين باللغة الأمازيغية، وعليه فإن "تيفي ناخ" تعني نحن من توصلنا إلى اختراع شيء لم يكن معروفا بين الأمم، ونحن من تمكنا من اكتشاف شيء لم يكن معروفا بين الأمم أي نحن من أظهرنا هذا الشيء الذي لم يكن معروفا بين الأم.
إني أتعجب من الذين يقولون أن التيفيناخ له علاقة مع خط المسند وكأن الأمازيغ لا يعلمون أنه يوجد خط المسند، فقد أكد العلماء أنه لا توجد أي علاقة بين خط المسند والتيفيناخ وقاموا بمقارانات منذ سنة 1800 ولم يتوصلوا إلى أي نتيجة من حيث التشابه بين التيفيناخ والمسند من حيث الأشكال فقط أما من ناحية لفظ الرموز هناك اختلاف فمثلا رمز( o) عبارة عن عين في المسند وفي تيفيناخ عبارة عن راء، ورمز الدائرة في وسطها خط عمودي هو في المسند عبارة عن واو وفي التيفيناخ عبارة عن باء، وهكذا يتضح لنا أنه لا توجد أي علاقة بين خط التيفيناخ والمسند، بل تشابه فقط في حرفين هما الشين والتاء. ومن ناحية أخرى توجد الكثير من الأبجديات الأوربية القديمة التي ظهرت في العصور ما قبل التاريخ يوجد الكثير من أشكالها يتشابه مع التيفيناخ، بل قد عثر العلماء على أبجدية أوربية تسمى glozel alphabet بها 12 حرفا مطابقا للكتابة الأمازيغية شكلا ومعنى، زيادة عن التشابه العام للأشكال بين أبجدية الأمازيغ وأبجدية glozel، وكما عثر العلماء أيضا على أبجدية أوربية اسمها Vinča alphabet حيث هناك تطابق كثير من الرموز بين هذه الأبجدية مع أبجدية الأمازيغ.
وللإضافة فالحرف الفينيقي والمسند الذي يتوهم العرب أنهما حرفان عربيان ما هما إلا حروف أصلهما من رموز سيناء، والدليل أن 98 بالمئة من رموز المسند ورموز الفينيقية هي نفسها الرموز التي وجدت في سيناء، ورموز سيناء أصلها من أرمينا فمعروف أن الأرمن تمكنوا من غزو الشام و توغلوا إلى سيناء وشرق مصر ونقلوا معهم رموزهم وحروفهم إلى سيناء وشرق مصر فقد أكد العلماء على العثور على رموز سيناء في أرمينا، وأكدوا أن تاريخ هذه الرموز المعثور عليها في أرمينيا سابق لتاريخ الرموز التي وجدت في سيناء، أي رموز وحروف الأرمن التي نقلوها إلى سيناء وإلى مصر هي أصل جميع الأبجديات السامية. فمدام الساميين والعرب أخدوا الحروف من الأرمن فأين هو الحرف العربي؟! وأين هو الحرف السامي؟! وللعلم فالأرمن شعب هندي أوربي (The Evolution of the Armenian alphabet).
ومنهم أيضا من قال أنه تم اكتشاف حروف في صحاري وجبال ظفار (ظفار بلد عربي عاصمته صلالة يقع بقلب جنوب الجزيرة العربية بين عمان واليمن وهو حالياً المنطقة الجنوبية من سلطنة عمان) تشبه حروف التيفيناخ متناسين أنه لا توجد أبجدية اسمها ظفارية والدليل أن 95 بالمئة من رموزها هي نفس رموز أبجدية المسند لفظا وشكلا بمختلف فروعه ثمودي وصفوي ولحياني... وبالتالي فالأبجدية الظفارية ما هي إلا فرع من فروع أبجدية المسند التي ظهرت عام 900 قبل الميلاد، والعثور على رمز الزاي الأمازيغي في الأبجدية الظفارية لا يثبت أنهما من أصل واحد حيث الكثير من أبجديات العالم تتشابه في الأشكال إذ أنه يمثل حرف الثاء وليس الزاي، والعجيب أنه عثر على رمز الزاي الأمازيغي في الأبجدية الرونية الجرمانية وهو يمثل حرف الزاي في الأبجدية الرونية الجرمانية وهذا الرمز أي الزاي الأمازيغي المعثور عليه في الأبجدية الرونية مطابق لرمز الزاي الأمازيغي شكلا ولفظا. وعثر في كتابات قديمة في الهند indus script على شكل حرف الزاد الأمازيغي، وكما تم العثور على شكل حرف الزاد الأمازيغي في أبجدية أوربية اسمها ogham alphabet بل في هذه الأبجدية هناك حروف تطابق مع الكتابة الأمازيغية لفظا وشكلا، والعجب أنه يوجد شعب إفريقي زنجي اسمه Dogon people لهم أبجدية قديمة موغلة في القدم تعود إلى أكثر من 7000 قبل الميلاد وقد اتخذوا من رمز الزاي الأمازيغي شعارا لهم في حفالاتهم وأعيادهم وفي جميع أمور حياتهم، ثم أبجدية الأمازيغ هي نفسها الأبجدية الفرنسية التي عثر عليها اسمها glozel pierre والتي تعود الى أكثر من 9000 قبل الميلاد، وقد تم العثور أيضا على أبجدية أوربية تتطابق تطابقا تاما مع الأبجدية الأمازيغية اسمها Vinča symbole والتي تعود إلى أكثر من 7000 قبل الميلاد، ثم أن علماء أروبا وأمريكا كلهم اعترفوا أن الرموز التي وجدت في أمريكا رموز أمازيغية و لم يقل أحد منهم أنها رموز المسند ولا الفينيقية باعتراف العالمين "barry fell" و" david kelly" ولا ننسى اعتراف العالم " barry fell" أن البلدان الجرمانية ملوؤة بآثار كتابة الأمازيغ وأكد أن هذه الآثار تعود إلى فترة ما قبل التاريخ.
لقد فشل العرب فشلا ذريعا مؤلما فنادوا لسنين طويلة أن التيفيناخ أصلها فينيقي لكن لم يجدوا أي تشابه بينهما، إضافة على قدم وسبق التيفيناخ للفينيقية كما ذكرنا. بعد هذا الفشل ادعى العرب أنه يوجد خط عربي في جنوب جزيرة العرب يشبه التيفيناخ وهو خط المسند لكن للأسف لم يجد العرب أي تشابه بين التيفيناخ وخط المسند رغم الشبه الكبير الموجود من ناحية الأشكال، فيما أكد العلماء أن خط المسند بمختلف فروعه خط حديث جدا ظهر عام 900 قبل الميلاد بينما أكد علماء الآثار أن التيفيناخ يتعدى 10000 سنة قبل الميلاد. وبعد أن فشل العرب في إيجاد ترابط بين المسند والتيفيناخ اعترفوا أنه لا توجد أبجدية اسمها ظفارية تتشابه مع التيفيناخ، والحقيقة أنهم فشلوا إذ أن الحروف الظفارية 95 بالمئة من حروفها هي نفس حروف المسند بمختلف فروعه شكلا ولفظا أي أن الحروف الظفارية ما هي إلا جزء من أبجدية المسند.
وفيما يخص النقوشات وبعض المخلفات للأمازيغ التي وجدت في شبه الجزيرة العربية فليس بغريب، فالأمازيغ حكموا مصر الفرعونية ابتداء من الأسرة 21 وكانت لهم فتوحاتهم وغزواتهم امتدت إلى بابل والشام وفلسطين بجيوش أمازيغية أشاوس، وكان لم يمر على موت النبي سيدنا سليمان سوى بضع سنوات حتى غزا الفرعون الأمازيغي "شيشنق" فلسطين حوالي عام 920 ق.م. فحكموا وغنموا وتوغلوا داخل الجزيرة العربية وبالأخص اليمن حيث أصبحت هناك مخلفات للأمازيغ من قبيل بعض العادات والأسماء بل هناك من الامازيغ من استوطنوا اليمن في تلك الفترة من الزمن.
لقد بسط الفراعنة الأمازيغ سيطرتهم على كل الاراضي المتآخمة لأرضهم ولمرات وأسسوا امبراطورية عظيمة وهذا ما يذكره التاريخ بعجالة.
يتبع ...طالع الأمازيغ وإشكالية الأصل 2 و 3 و 4